في ظل الانهيارات الاقتصادية التي يشهدها العالم، وتحت تساقط الأوراق المالية العالمية ومعها كل البورصات والأسهم، والأهم والأخطر من كل ذلك هو تدهور أسعار النفط، كان لابد من الدول المتضررة من هذه العاصفة الاقتصادية العنيفة من إيجاد بدائل لملء خزاناتها التي أوشكت بعضها على الإفلاس.
مملكة البحرين ليست استثناء من هذا المد الجارف الذي ضرب أعماق الاقتصادات القوية في المنطقة، وإن كان وضعنا الاقتصادي في شكله العام أفضل بكثير من دول العالم، لكن مع ذلك لابد من الاعتراف بمدى الأضرار التي خلفتها انهيارات أسواق النفط، خاصة إذا ما عرفنا أن مملكة البحرين تعتمد في مدخولاتها الأساسية على الموارد النفطية، ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن إيجاد بدائل للنفط في هذه المرحلة وفي قادم الأعوام.
من المؤكد أن هناك مجموعة من البدائل في البحرين، لكن في اعتقادنا ليس هناك أفضل من الترويج والتسويق للبرامج السياحية والثقافية، تلكم المشاريع التي تدر ذهباً خالصاً يدخل في خزانة الدولة، وهذا لن يكون دون أن تدعم الحكومة وزارة الثقافة التي تحولت إلى هيئة مع الأسف الشديد، كما إنه من الضروري أن تدمج السياحة مع الثقافة في وزارة واحدة، إذ إنهما مكملتان لبعضهما، فلا سياحة من دون ثقافة ولا ثقافة من دون سياحة.
حين تنعقد نوايا الدولة على إيجاد بدائل اقتصادية تدر أرباحاً هائلة لخزانتها، والتي من أهمها الثقافة والسياحة، يكون لزاماً على الحكومة دعم كافة مشاريع وزارة الثقافة -مع أمنياتنا بدمج السياحة معها- بكل قوة، فلا يعتبر ضخ موازنات كبيرة في خزانة وزارة الثقافة في مسماها الجديد والمقترح ترفاً مالياً أو نوعاً من أنواع الكماليات، ومن يرى هذا الأمر فإنه من أعداء الثقافة. فمن يبخل على مشاريع الثقافة باعتبارها غير ذات أهمية، فنحن نقول له إن غالبية الدول الفقيرة تستند في اقتصاداتها على مشاريع الثقافة والسياحة بنسبة 100%، فكيف لنا ونحن نملك كل مقوماتهما في البحرين؟
إذا دعمت الحكومة قطاع الثقافة والسياحة بعد دمجهما في وزارة واحدة وضخ موازنات مشرفة لأجل إكمال كل مشاريعها، فهذا يعني أن الحكومة استطاعت أن تضرب عصفورين بحجر واحد؛ فالهدف الأول الذي سوف يتحقق من هذا الأمر هو أن الوزارة سوف تروج «البحرين» عالمياً ووضعها على خارطة الدول السياحية والثقافية، أما الهدف الثاني فهي الأرباح الخيالية التي ستجنيها الثقافة والسياحة من خلال برامجها ومشاريعها الكبيرة.
اليوم هناك الكثير من المشاريع الثقافية باتت معطلة بسبب ضعف الموازنة المخصصة لها، بينما كنا نتوقع أن تضاعف تلكم الموازنات، خاصة إذا ما علمنا أن وزارة الثقافة -تحت قيادة المرأة الحديدية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة- ستزيد ميزانيتها أضعافاً مضاعفة لو تم دعم مشاريعها، وهذا لن يتحقق إلا إذا آمنت الدولة بأن الثقافة والسياحة من أفضل البدائل الحالية لكل مشتقات النفط في عصر الأزمات، فالنفط يمكن أن يهبط سعره وقت الحروب والأزمات، أو حتى من المحتمل أن ينضب يوماً ما، لكن من المستحيل أن تهبط أسهم قلاعنا ومعالمنا التاريخية ومواقعنا الأثرية ومسارحنا وبقية أدوات الثقافة والسياحة في زمن الأزمات الاقتصادية وغيرها.