نتوجه للسفير الأمريكي بالشكر الجزيل والتقدير على إدانته لتفجير كرانة، كما نثمن له تمنياته الطيبة للبحرين، ولكن نقول له لقد أشرت في هذه الإدانة بحث جميع الأطراف المعنية على إدانة هذا العنف، كما دعيت إلى المصالحة والحوار، وما فهمناه من الأطراف المعنية، بأنها الأطراف التي تقف خلف الهجوم، والتي تدعو الدولة إلى المصالحة والحوار معهم، وهو ما يدل على أنكم تعلمون أن من يقف خلف هذه الجرائم الإرهابية هو الطرف التي حثثته على الإدانة وتدعو الدولة لحواره واحتضانه، كما ساويت أيضاً في هذه الدعوة الدولة بالإرهابيين عندما شملتها بقولك «أطراف»، وهو خطأ لا يغتفر عندما تساوي دولة عظيمة مثل البحرين بخلايا إرهابية إيرانية.
وهو ما نعتقد أن دعوتك هذه مخالفة للديمقراطية الأمريكية التي تقود اليوم حرباً على الإرهاب بالطائرات والصواريخ، تحارب اليوم الخلايا الإرهابية «داعش» في سوريا، كما تحاربها في العراق، وهاهي توسع قواعدها في العراق، وترسل قوات إضافية من خبراء ومستشارين عسكريين، كما قامت بنشر 450 جندياً أمريكياً لمساعدة الحكومة العراقية في محاربة «داعش»، كما تستخدم قاعدة «التقادم» من بلدة الحبانية في شرق محافظة الأنبار كمحور لتدريباتها، بناء على طلب رئيس الوزراء العراقي، وذلك لبناء قدرات العراق العسكرية، وبتجنيد حشود شعبية لمواجهة الإرهابيين على حد زعمهم.
كما كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن واشنطن تسعى للحصول على إذن لاستخدام قاعدة في شمال أفريقيا لإنشاء قاعدة عسكرية للطائرات من دون طيار لزيادة مراقبة تنظيم «داعش» الإرهابي في ليبيا، ناهيك عن التحالف الدولي الذي تقوده ضد هذا التنظيم الإرهابي، كله ذلك من أجل محاربة الإرهابيين الذين يبعدون عن أمريكا بقارات ومحيطات، فكيف لو كان مثل هذا الإرهاب كل يوم يحرق شوارعها ويزرع القنابل والمتفجرات لرجال أمنها، فهل ستتبنى الحوار معهم، أو تدعوهم للمصالحة، هل ستصنع منهم طرفاً مهماً يوازي الحكومة الأمريكية، إلا أن والله ستدك عليهم أحياءهم وستجعل منهم عبرة، كما جعلت إبادتها لـ 112 مليون من الهنود الحمر أساساً لقيام إمبراطورية متوحشة لا يمكن الاقتراب منها.
ثم نسأل السفير على ماذا تتصالح الدولة ومع من؟ مع عملاء إيران الذين كانوا يسعون لإقامة حكومة الولي الفقيه، تتصالح الدولة مع جماعة اعترفت بلسانها أنها موالية للحكومة الإيرانية، تتحاور مع مجموعات ترى دخول درع الجزيرة البحرين، هي قوات أجنبية ومحتلة يجب طردها، تتحاور مع جهة تتصدى لاتحاد خليجي، تتحاور مع قادة إرهاب يخزنون أسلحة ومتفجرات في بيوتهم ومزارعهم كي ينفذوا أعمالاً إرهابية، يتحاوروا مع ميليشيات دربتهم إيران عسكرياً لمحاربة دولتهم وإسقاطها، الحوار الذي يعني أن تتنازل الدولة عن صلاحيتها لتأتي اليوم وتسلم حكمها إلى ميليشيات تابعة لإيران، ميليشيات إرهابية لا تختلف عن «داعش»، وإرهاب «حزب الله اللبناني»، وإرهاب «الحوثيين» في اليمن.
ثم هل أمريكا فتحت يوماً حواراً مع أي إرهابي ؟ أمريكا التي تنصح بالحوار، قتلت بالأمس طفلاً لمجرد شكت أن في يده مسدس فإذا به لعبة، أمريكا التي أطلقت شرطتها النار على رجل رفع يده مستسلماً وفي يده منشفة، شرطتها التي لا تتحمل أعصابها حتى إكمال التحقيق مع مشتبه به فترديه قتيلاً في الحال قبل انتهاء التحقيق معه، الشرطة الأمريكية التي يقوم رجالها بقتل شخص كل 9 ساعات حيث أظهرت دراسة في يونيو 2015، أن الشرطة الأمريكية قتلت 385 شخصاً خلال الخمس أشهر الماضية، تراوحت أعمار الضحايا من 16 إلى 83 عاماً منهم من يحمل مسدساً، ومنهم من يحمل سكاكين و 16 % منهم كانوا إما غير مسلحين أو يحملون سلاحاً مزيفاً، قتلتهم بالحال بدون سؤال ولا تحقيق ولا تفاوض، فكيف لو كان هناك مجموعات إرهابية يقتلون رجال الأمن كما يحدث في البحرين، وكيف لو أن هناك جهات إرهابية معروفة تقف وراءهم، فهل ستتحاور معهم الحكومة الأمريكية؟ هل ستحقق مطالبهم والتي منها المشاركة في إدارة الحكم وأن تسلم إليهم السلطة التنفيذية وأن توسد إليهم المؤسسة الأمنية والعسكرية، وأن تكون لهم ولا لغيرهم المناصب العليا في الدولة؟
جماعة إرهابية إقصائية لا تقتنع بأن يكون أتباعها مواطنين عاديين، بل تريد كل شيء في البحرين لهم، هذه هي الجماعات الإرهابية الطائفية التي يدعو السفير الأمريكي إلى الحوار معهم، بدلاً من أن يطالب الحكومة بإنزال أشد القصاص فيهم، كما كان عليه أيضاً أن يعرض مساعدة بلاده بإرسال مستشارين لتدريب الشرطة البحرينية لمواجهة الإرهابيين كما تفعل اليوم في العراق التي تقوم لا بتدريب الشرطة العراقية فحسب بل الحشود الشعبية وهي الميليشيات الشيعية التي يتولى تدريبها اليوم قاسم سليماني والجيش الأمريكي الذين اتخذوا لهم قواعد في الموصل والأنبار بعد أن أجلوا أهل السنة منها، بدعوى محاربة الإرهاب.