حينما يكون المستهدف «وطني» يصبح الحياد «خيانة» والصمت «تواطؤاً»..
ولأنني وعدت نفسي مسبقاً أن أقف بعيداً عن الوضع الأمني في البحرين ولا أتكلم إلا «بالترميز»؛ إلا أنني خالفت هذا الوعد وسأصرخ بعلو صوتي وأقول «كفو أيديكم عن وطني، واقطعوا الحبل السري المغذي للإرهاب».
4 سنوات ونحن نتجرع مرارة انعدام الأمن، 4 سنوات وأنا أسلم على إخواني وكأني أودعهم.. فأنا لا أدري هل سيعودون من وظائفهم الأمنية أم لا؟ 4 سنوات وأنا أسمع دعاء أمي وبكاءها وهي تدعي بأن يحفظ لها أبناءها العاملين في السلك الأمني، وكثر هن الأمهات اللاتي مثل أمي.
4 سنوات ونحن نحاول أن نقنع أنفسنا أن ما يحدث في البحرين من عمليات إرهابية مدبرة هي مواقف «عرضية وفردية» لا تستحق الوقوف كثيراً بشأنها، ويكفينا أن «نستنكر»، 4 سنوات ونحن نحاول أن نطمئن أنفسنا بأن الأوضاع الأمنية في البحرين تحت السيطرة، وأن كل الأمور على ما يرام.. وبأن نفر من أبناء البحرين تم التغرير بهم وسيعودون إلى رشدهم قريباً.
4 سنوات ونحن لا هم لدينا سوى الأمن.. لا توجد خطط للتطوير، لا توجد أهداف للإعمار، كل ما نفكر فيه هو بسط الأمن والأمان في مملكة البحرين.
4 سنوات ونحن نجمل الكلمات لكي لا نساهم في تعميق أو تفاقم الشق المجتمعي، ولكي لا نرتكب حماقة في وقت غضب ونشير بلغة اللائم إلى طرف من الأطراف ولكن الموضوع كبر وتعاظم، وأصبح من الواجب على كل مواطن أن يسجل موقفاً حقيقياً ليساهم في رفض الأعمال الإرهابية.. موقفاً وليس صمتاً.. فالصمت لا يعبر عن موقف.
أبناؤنا الشهداء رجال الأمن هم منا وفينا، هم ليسوا مرتزقة وليسوا عملاء.. هم الأجدر بالشكر والعرفان لأنهم يضحون بحياتهم من أجل أن أعيش أنا وغيري في أمن وأمان، لهم أم تخاف عليهم مثل أمهاتنا، لهم أبناء وزوجات ينتظرون عودتهم مثل أبنائنا وأزواجنا،، لهم أهداف وأحلام يودون تحقيقها في حياتهم، وقبل كل هذا هم عباد الله وأرواحهم هي تلك التي حرم الله قتلها.
المرتزق هو المأجور من قبل الآخرين لارتكاب عملية إرهابية وتخريبية غير مكترث من سيكون ضحيتها، المرتزق هو الأجير عند غيره يرتهن لأوامرهم بتدنيس داره ووطنه، المرتزق هو من يبيح لنفسه القتل وإثارة الفوضى، المرتزق هو الذي من سهل عليه أن يحصل على مقابل مالي لخيانة وطنه، المرتزق هو الذي يحصل على المال ليلعب دور الطابور الخامس ويتظاهر بالوطنية ويطعننا في الظهر.
لن أتحدث بلغة المعاجم؛ فالوطنية أسهل من أن تُعرف، الوطنية هي أن أقدس أرض الوطن لا أن أخربه وأحرق ترابه بالإطارات المشتعلة، هو أن أحافظ على ممتلكاته الخاصة لا أن «أخربش» عليها بعبارات «طائفية وغير قانونية» الوطنية هو أن أشارك في رقي الوطن، لا نشر الشائعات وتشويه سمعته خارجياً.
ولأن القتل أصبح على المكشوف، فيجب أن تكون ردود الفعل على المكشوف أيضاً، فلا أحد أصبح يجهل من أين يتغذى الإرهاب في مملكة البحرين ويكبر، فاقطعوا الحبل السري دونما رحمة وبقسوة، حتى وإن مات الجنين؛ فالجنين من السهل أن يعوض ولكن الأم من المستحيل أن تعوض.
فعندما يكون المجني عليه «وطنياً» يصبح الصمت «نفاقاً» ويصبح الحياد «عميلاً» فليحدد كل مواطن ماذا يريد؛ هل يريد الأمن والأمان، أم يريد أن يعيش في دوامة الاضطرابات والانفلات الأمني؟! هل يريد لأبنائه غداً ومستقبلاً واضحاً أم يريد أن يكونوا لاجئين ومهجرين مثل بعض دول الجوار؟! هل تريد أن تبقى في وطننا الغالي باحترامك لدستورها وقانونها أم ترحل دونما عودة إلى حيثما تريد؟!