تأكيداً على ما جاء في مقال الأمس «هدم القلعة قبل بناء الدولة» هذا السجال الذي دار بعيداً عن المقال لكنه يؤكد ما جاء فيه 100%
فقد انتشرت بالأمس على وسائل التواصل الاجتماعي رسالة صوتية لمحرقي يوجه نداء إلى إدارة المرور بأن تخفف الوطء عليهم في المحرق، وتتساهل معهم وتغض الطرف عنهم في تحرير المخالفات، وتأخذ في الاعتبار «اضطرار» أهالي المحرق للوقف الخطأ بسبب ضيق الشوارع وسوء التخطيط واكتظاظ المدينة، المهم في الموضوع ليس هذا النداء بل المهم هو أن هذا المحرقي تحدى إدارة المرور أن تنشط بذات الهمة في منطقة الرفاع!! على اعتبار أن هذه المنطقة يسكنها أفراد من الأسرة وفي نظر هذا المحرقي أن المرور لن يجرؤ على مخالفة أفراد من الأسرة!!
ومن تابع السجال الذي فتح قريحة أهل الرفاع للرد على الأخ المحرقي سيعرف أن أهل الرفاع صحيح مساكين على رأي السيدة أم كلثوم، فالمرور نشط أيضاً في الرفاع ويحرر المخالفات لأهلها كما هو حال المحرق وإن كانت بعض الأرقام «تعدي» من أمام رجل المرور سلام سلام!!
إنما أهل الرفاع ليسوا هم أقصى درجات التحدي لإدارة المرور فقد صعد السجال درجة التحدي لإدارة المرور لها بأن تحاول أن تدخل القرى وتحرر المخالفات هناك!!
توالت الردود من أهل الرفاع بأننا وإياكم يا أهل المحرق أقل الناس مخالفة للقوانين وإن حررت لنا نسارع في دفعها التزاماً منا بالقانون وبالدولة، ولكن هل تجرؤ إدارة المرور الدخول للقرى؟ هل تجرؤ وزارة البلدية أو وزارة الكهرباء أو أي من الوزارات إزالة المخالفات هناك؟
هذا السجال يؤكد أن هدم القلعة قبل بناء الدولة، والقلعة هنا صورة مجازية لسطوة النفوذ والسلطة ومساحة امتدادها.
فهل صعب حقاً على إدارة كالمرور الدخول لبعض القرى وممارسة سلطات الدولة عليها؟ هل تمدد أخطبوط النفوذ والتمرد على الدولة داخل بعض القرى لترى مخالفات البناء ومخالفات البلدية ومخالفات التوصيلات الكهربائية بشكل يوحي لك بأن هذه القرى هي عشوائية القاهرة؟ مع الأخذ في الاعتبار أن البحرين برمتها مساحتها وعدد سكانها ليست سوى أحد أحياء القاهرة.
هل حقاً تحصن هذه القلاع الداخل حتى أصبح لكل قلعة سيد ولكل سيد لوفريته الذين يحكمونها ويمنعون أهلها من الدخول أو الخروج منها أو حتى إزاحة الأذى عن الطريق لفتحه كما فعلوا مع من حاول تحريك الطابوق للعبور؟
الأدهى أن «سادة» بعض القرى ليسوا من البحرين، والأكثر مرارة أن بعضهم ليس مقيماً في البحرين أصلاً، فقد يكون المتحكم في (القلعة) لبنانياً أو عراقياً أو إيرانياً عن بعد وعبر الريموت كونترول أو عبر الكي بورد وسيد هنا لا تعني بالضرورة سيد هاشمي، بل تعني صاحب النفوذ، بعمامة أو بدونها.
قد يكون في الأمر مبالغة ضمن هذا السجال بين أهل المحرق وأهل الرفاع، ولكن هذه باختصار صورة حية مجسدة (3 دي) لمعرفة كيف هي صورة « الدولة» عند الناس وبالمقابل كيف هي صورة هذه القلاع التي تحصنت بحصانات ضد الدولة والقانون وتمنعت عنها؟ هذه السجالات الشعبية مجسات للنبض يقاس من خلالها كيف ينظر الناس إلى قوة القانون والنظام والقضاء والعدالة، إنها نظرة لا تسر صديقاً، وتفرح عدواً، نظرة يجب الوقوف عندها وتقويمها وتصحيحها وفي أي دولة تستنفر سلطاتها كافة مقوماتها وتنتفض لتغيير هذا الواقع على الأرض حتى تتغير الصورة، إنه مؤشر في غاية الخطورة.