لا أحد يستطيع أن ينكر تدخلات بعض الدول الكبرى في عمل المنظمات الحقوقية الدولية، واستخدامها «سوطاً» تضرب به على ظهور دول، والولايات المتحدة الأمريكية ظلت ترفع كرتي «الديمقراطية» و«الإصلاح السياسي» في وجه دول لا ترضى عنها، وتغض الطرف عن دول «تعشعش» في أنظمتها «الديكتاتورية» و«حكم الفرد».
وكما «حصان طروادة»، فالمنظمات لا يهمها شيء سوى دخول الدول لأي أسباب حتى تنشر جنودها لفتح الأبواب، وتبدأ في حياكة الثوب الذي تريد به الإدانة والتدخل بالشؤون الداخلية، الأمر الذي دفع العديد من الدول إلى اتهام المنظمات الحقوقية الدولية بتسييس تقاريرها حول حقوق الإنسان، واستخدام المعايير المزدوجة، والكيل بمكيالين.
وما يؤسف له دائماً أن صوت هذه المنظمات أعلى بكثير من صوت الدول، إذ تصمت إزاء التقارير المغلوطة رغم الانحراف البيّن عن المسار الحقوقي من قبل هذه المنظمات إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول والتعدي على سيادتها.
وما يؤكد الأجندة الخاصة التي تسعى إلى تحقيقها بكافة السبل، أن هذه المنظمات لم يحدث أن دانت التفجيرات الإرهابية والعنف الممنهج الذي يحدث في العديد من الدول العربية والإسلامية، كما في التفجيرات التي يقف خلفها تنظيم الإخوان في مصر أو التفجيرات التي تشهدها البحرين من آن إلى آخر وأدت إلى استشهاد عدد من رجال الأمن.
المنظمات الحقوقية الدولية تستهدف الأنظمة الحكومية والدول، وترعى بعناية تنظيمات المعارضة لأنها سهلة الانقياد في إطار تنفيذ أجندتها المرسومة بعناية في المكاتب السرية لأجهزة مخابرات الدول الكبرى، ومراكز التفكير «Think Tanks»، من أجل بناء منظومة غير مستقرة في دول المنطقة، وديمومة الأزمات فيها.
وإذا كانت الأدبيات القانونية تضع «المتهم»، في خانة «البراءة» حتى تثبت إدانته، فإن «اتهام» المنظمات الحقوقية الدولية للدول والأنظمة الحكومية هو اتهام «بات» حتى قبل التأكد منه، مع «سبق الإصرار والترصد».
إن المطلوب من الجهات الرسمية ذات العلاقة بحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الوطنية رهن بتوحيد الجهود من أجل إعلاء الصوت الحقوقي الوطني في مواجهة «صراخ» المنظمات الحقوقية الدولية، عبر تدشين استراتيجية إعلامية متكاملة، تعمل على أن تسبق المنظمات لا أن تلهث خلفها.
العمل على وضع خطة عمل وفق خطوات مدروسة تتابع منهجية تقارير المنظمات الحقوقية الدولية قبل صدورها.
وفتح قنوات التواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية حتى لا تعتمد اعتماداً كلياً في تقصي المعلومات على المعارضة فقط، لأن بناء جدر بين الأنظمة الحكومية وهذه المنظمات يفاقم من الأزمة، وتأسيس مراكز تفكير على نمط مراكز الأبحاث الأمريكية المعروفة باسم «Think Tanks» لتعين مراكز اتخاذ القرار فيما يتعلق بالسياسات الخارجية وقضايا حقوق الإنسان.