تحت عنوان «البحرين تحتاج لقرارات وطنية شجاعة من الجميع لمصلحة الوطن وكل أهله» أصدرت جمعية الوفاق بياناً ذكرت فيه أن الحاجة ملحة «لتقوية الساحة الداخلية وتحصينها عبر برنامج وطني شامل وواضح المعالم»، وشرحت ذلك بقولها إن «التحديات والأخطار والحوادث والاختلافات يجب أن تشكل دافعاً جدياً لدى الجميع بضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة من التوافقات لمواجهة التحديات التي أصبحت تشكل مساحة واسعة»، كما شددت على أنها «متمسكة بالحوار وترى فيه الطريق الوحيد» وطالبت «بعدم تفويت الفرص المختلفة التي تشكل مدخلاً حقيقياً للانتقال لمرحلة جديدة وإغلاق الباب أمام كل ما يسيء للبحرين وأهلها ويعطل الإصلاح ويباعد المسافات».
كلام ولا أجمل؛ فالبحرين بحاجة اليوم وبعد كل هذا الذي جرى عليها إلى «قرارات وطنية شجاعة من الجميع»، ولكن لأن الدعوة هذه جاءت من الوفاق ولكي لا تكون فارغة وتنتهي مع إصدار البيان ولأن صاحب الدعوة أحق في البدء بما دعا إليه؛ لذلك فإن المطلوب أن تبدأ الوفاق الخطوة الأولى فتتخذ بعض القرارات الوطنية الشجاعة لتشجع الأطراف الأخرى على اتخاذ قرارات شجاعة أيضاً تصب في الاتجاه نفسه و«تقوي الساحة الداخلية وتحصنها لمواجهة التحديات».
أول تلك القرارات التي ينبغي أن تتخذها هذه الجمعية الطلب من إيران وقف برنامجها اليومي المتخصص في الإساءة إلى البحرين قيادة وحكومة وشعباً، وقبله منع أعضائها وخصوصاً القياديين منهم من المشاركة في هذا البرنامج القميء الذي لم يعد خافياً على أحد الهدف منه ويسيء إلى العلاقات بين البلدين ويتسبب في تهميش جمعية الوفاق، التي لا يعقل أن تقبل الحكومة بالتواصل معها وهي تسبها عبر هذه الفضائية السوسة نهاراً وليلاً. والأمر نفسه ينطبق على الفضائيات الأخرى التي تعلمها الوفاق جيداً وتوظفها توظيفاً فاحشاً.
هذه الخطوة من شأنها أن تشعر الأطراف الأخرى بأن الوفاق جادة في دعوتها وأنها ليست دعوة للاستهلاك المحلي والادعاء بأنها مع كل خطوة وطنية. يليها خطوات مهمة أخرى على رأسها خطوة الفصل بين توجهاتها وتوجهات ما يسمى بائتلاف شباب فبراير الذي يحرجها ويتسبب في أذاها بتصرفاته الصبيانية، لتأتي بعد ذلك خطوة التحرك لإيجاد قناة اتصال واضحة مع الدولة تقدم من خلالها مجموعة من التنازلات وتخفض سقف المطالب التي لم تكن مدرجة من الأساس في قائمة المطالب الشعبية.
عديدة هي الخطوات التي ينبغي أن تقوم بها جمعية الوفاق لتثبت صدق نواياها ولتؤكد أن بيانها لم يكن لإسناد التصريح الأخير للسفير الأمريكي، ذلك أن جملة «وأبدت دعمها لكل الدعوات الصادرة الداعية للحوار وآخرها الدعوة التي حملها بيان السفارة الأمريكية في البحرين»، التي وردت في البيان تشبه «هل» التي خربت على «كيف»، وتثير الشكوك من جديد في العلاقة بينها وبين السفير والسفارة الأمريكية.
نعم «جميع القوى الوطنية والشخصيات الوطنية متمسكون بالحوار الجاد ويضعون مصلحة الوطن سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً فوق كل اعتبار ومصلحة جميع مواطنيه أساس لكل ذلك»، كما جاء في بيان الوفاق ولكن لا بد من تأكيد هذا الأمر عبر خطوات عملية تتخذها وأولهم صاحب الدعوة، كما إن تكرار مقولة إن الوفاق «تعرب عن دعمها التام لكل الدعوات للمصالحة الوطنية من خلال عملية سياسية جامعة وشاملة تنقذ الأوضاع في البحرين» لا قيمة له إن لم يتم إثباتها عملياً عبر خطوات ملموسة تؤدي إلى ما ترمي إليه والمتمثل في وقف ما أسمته «التحريض الإعلامي الذي يتنافى مع المصلحة الوطنية» و«الخيار الأمني».
البيان الجميل للوفاق يقول «إن الطريق الوحيد هو التواصل والحوار وبناء جسور الثقة والإصلاح وهذه المبادئ هي المبادئ التي تتسق مع الفطرة البحرينية وتشكل حاجة وطنية جامعة». فلتبدأ هي بالخطوة الأولى لتكون مثالاً.