تجربة مشاركة هيئة الثقافة والآثار في مملكة البحرين بمعارض دولية كمعرض «اكسبو»، المقام حالياً في ميلانو بإيطاليا على سبيل المثال، تجربة تستحق أن نلقي عليها الضوء، وسأقوم بذلك لاحقاً في إحدى الحلقات التلفزيونية بعد الانتهاء من التقرير الخاص الذي أعده حول هذه المشاركة لبرنامج «كلمة أخيرة».
إنما المشاركات الدولية للبحرين بشكل عام بحاجة أن تكون ضمن استراتيجية شاملة للترويج للبحرين تضع في اعتبارها البعد السياسي كما البعد الاقتصادي، تضع في اعتبارها إصلاح الضرر الذي وقع على البحرين، وتضع في اعتبارها حاجة البحرين لمخاطبة العالم بلغتها وبحقيقتها كمسألة أمنية ومسألة علاقات دولية بحاجة لإعادة صياغة، حينها ستضع أكثر من جهة حكومية وغير حكومية جهودها وموازنتها لإنجاح هذه المشاركات.
المعارض الدولية بحجم معرض «اكسبو» لا تتكرر كل يوم، وإضاعة فرصاً بهذا الحجم أو التقليل من فرص اقتناصها يعد غباءً سياسياً لا يدرك حجم الضرر الذي وقع علينا، ولا يعرف متى وأين وكيف يمكن إصلاحه، وإلا لكانت كافة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية مسخرة لهذه الفرصة.
ومع ذلك وبإمكانات مادية محدودة جداً وبجهود بشرية جبارة؛ نجح البحرينيون الذين أعدوا وشاركوا في إقامة جناح مملكة البحرين من موظفي الهيئة ومن الشباب المتطوع، وقد بلغ عددهم 24 شاباً وشابة، كعادتهم في سد فراغات نقص المادة، وقدموا صورة جميلة عن مملكتنا.
أزمة 2011 ألحقت ضرراً بالغاً على سمعة البحرين بشكل خاص، ثم جاءت التنظيمات الإرهابية لتلقي بظلالها على صورة كل ما هو عربي ومسلم، ثم جاءت الحروب والاضطرابات لتجعل من المنطقة وسكانها مجموعة من البربر الهمجيين الذين ينامون على براميل البترول ويلتحفون التخلف.
زوار جناح البحرين كانوا يبحثون عن أثر لهذه الصورة، فيندهشون من صور شبابنا بالثوب والغترة والعقال وهم يحدثونهم عن العمق التاريخي للبحرين، ويعجبون من بناتنا وحيويتهم المحجبة وغير المحجبة، يستغربون أن يروا الصورة المعاكسة لما يتوقعون.
اللغة التي تخاطب بها الأوروبيون من زوار المعرض لم تكن بحاجة للبذخ والفخامة في حجم وتصميم ومضمون الجناح، فذلك ما كانوا يتوقعونه من دول غنية لا تعرف إلا الاستهلاك سلوكاً، أنت بحاجة هنا أن تعرف ما الذي سيشد انتباههم ويصدم توقعاتهم.
يكفي للدلالة على هذه المعادلة بأن أقول لكم بأن كلفة إقامة الجناح البحريني في «اكسبو» كاملة؛ تشمل الجناح تصميماً وتركيباً وصيانة وتشمل كلفة إقامة الموظفين والمتطوعين وغيرهم، كانت 8 ملايين يورو لمدة 6 شهور، وأحد الأجنحة الخليجية الأخرى كانت كلفته 60 مليون يورو، ومع ذلك أقصى عدد زوار هذا الجناح 7 آلاف زائر في اليوم، في حين وصل عدد زوار الجناح البحريني في ذلك اليوم 32 ألف زائر في يوم واحد.
أما من استكثر مبلغ 8 ملايين يورو كحملة ترويجية فنحسبها له بهذه الحسبة؛ لو قسمنا الثمانية ملايين يورو على عدد زوار الجناح، وكل منهم دخل وسأل عن البحرين تاريخها وشعبها وموقعها وبماذا تشتهر وعن الإنسان فيها، لكان كلفها دينار ونصف للزائر فقط، أي قيمة تي شيرت فقط، لو احتجت أن تعرض صورة لأكبر عدد من الناس في مكان وزمان واحد لما وجدت أفضل من المعارض الدولية بهذا الحجم فرصة للتعريف ببلدك.
لذاك فالمشاركة البحرينية عليها أن تضع في الاعتبار أنك تصحح صورة وتروج لأخرى وترد على خصومك وتسمع صوتك وتنافس على الفرص الاستثمارية، كلها أهداف تستحق ألا نبخل عليها، وتستحق أن تشارك فيها كل المؤسسات التي ممكن أن تسهل القدوم والتعرف على البحرين عن قرب.
ما قام به شباب البحرين في ظل إمكاناتهم المحدودة إنجاز رائع سأحدثكم عنه بالتفاصيل في البرنامج التلفزيوني.
كيف كانت الرنقينة والأيسكريم والمحلبية والبلاليط وشاي الزنجبيل؛ نكهة كتب عنها الإيطاليون أن هنا في البحرين شيئاً آخر غير النفط يستحق أن تتذوقه.
- ملاحظة..
كنت أتمنى أن تنتهز البحرين فرصة المشاركة في هذا المعرض ويرجع خط المنامة ميلان لطيران الخليج ذلك الذي ضيعناه، وكم فرصة كان بالإمكان توظيف «اكسبو» لها ضاعت هي الأخرى؟