في ظل وجود الإعلام الإلكتروني وبرامج التواصل الاجتماعي التي ساهمت في سرعة نشر وبث المعلومات وتناقلها؛ بات العالم العربي يعيش في حفلة زار إلكترونية، حيث يتسارع كل مغرد أو مرسل أو مستقبل في إعادة بث الرسائل دونما أي مراجعة لمحتواها أو التأكد من مصداقيتها.
إبان الأزمة المريرة التي مرت بها مملكة البحرين عام 2011 ظهر صاحب السمو الملكي ولي العهد في خطاب متزن، وقال كلمة سجلها التاريخ وسيظل كل عاقل يتذكرها وهي كلمة (هدوء)؛ هذه الكلمة التي غيرت خط سير الأزمة في ذلك الوقت.. فالهدوء مطلوب لزيادة التمعن والتفكير وأخذ الرأي السليم.
أعتقد أننا نحتاج إلى الأخذ بهذه النصيحة هذه الأيام.. وأتمنى من الجميع الهدوء حتى نسمع صوت المنطق والعقل، فليس من الطبيعي ولا المنطقي أن يصبح الجميع وكالات للأنباء، لا سيما في الأوضاع الراهنة التي يعيشها العالم العربي!
لا يخفى على أحد منا أن الحرب الحالية هي حرب إعلامية يستخدم فيها (أقذر) أساليب بث الفتنة والشائعات من أجل أن تسود الاضطرابات والفتن عالمنا العربي الممزق حالياً.
وللأسف أصبح العديد منا مشارك في إثارة الفتن باستخدامه الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي وبث السموم عن طريق إرسال أو إعادة إرسال أخبار مغلوطة من أجل بث مزيد من الفرقة داخل المجتمع المحلي أو بين باقي الدول العربية.
المصيبة الأكثر بالنسبة لي لا تأتي عن طريق أشخاص متخفيين وراء أسماء مستعارة ويشيعون الفتن والسباب يميناً ويساراً؛ المصيبة تأتي عندما يقوم بعض الأشخاص من أصحاب المراكز المرموقة بالتجاذب والرد بطريقة غير لائقة ولا تتناسب مع شخصياتهم ولا مناصبهم مع هؤلاء «المجهولين»، فمن غير المنطقي أن تعض كلباً عضك على سبيل المثال، أو يقوم بعضهم بإعادة نشر أخبار مغلوطة من دون التأكد من صحة المعلومات، وكأن الجميع أصبح في سباق سرعة نشر المعلومة.
نحن نعيش أوقات حرجة وصعبة ونحتاج فيها بالفعل لتطبيق نصيحة ولي العهد وهو التزام الهدوء وتحكيم العقل والمنطق والتفكير بعمق استراتيجي من أجل أن نتجاوز هذه المحنة.
وللعلم؛ فالإعلام الحكومي موجود، وهو المناط به نشر الأخبار التي تهم المجتمع عبر الإعلام الرسمي المرئي والمسموع أو عبر الحسابات الرسمية على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا دوره الذي يلعبه بكل جدارة، والذي بدأنا نلمس سرعة تفاعله ونشره للمعلومات بكل حيادية.
أما حالة العشوائية واللامسؤولة في نشر المعلومات والأخبار فهي لا تتماشى بتاتاً مع منهج التهدئة والإصلاح والتقارب التي تنتهجه المملكة، وسياسة نشر (الغسيل المتسخ) علناً ليست من عاداتنا؛ وليس هذا وقتها المناسب، فالمواطنون في دوامة استتباب الأمن وارتفاع الأسعار وغيرها من الأمور.
إن استغلال القنوات الإعلامية من أجل بث مزيد من الفرقة هي ورقة ليست برابحة أبداً؛ وأننا لنطمح أن نرى قادة رأي ومستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي يساهمون في سياسة لم الشمل التي تنتهجها الدولة.
ولننأى بأنفسنا بعيداً عن هذه الممارسات غير السليمة، ولنسخر جهودنا جميعاً من أجل نبذ الكراهية والفرقة بأي طريقة كانت، ويجب أن نعي أن قانون الكراهية في طريقه للتطبيق وسيطال كل شخص يحاول بث الكراهية في مجتمعنا البحريني، سواء عن طريق حساب إلكتروني وهمي من داخل أو من خارج البحرين أو عبر أي وسيلة أخرى.
- ملاحظة..
افتراءات ومغالطات وادعاءات جسيمة نشرتها صحيفة «الواشنطن بوست» بشأن حقوق الإنسان في مملكة البحرين، وهي دلالة واضحة على عدم احترافية العاملين على هذه الصحيفة وعدم اتباعها لأخلاقيات الصحافة، ورسالة ودعوة شخصية أوجهها لرئيس تحرير هذه الجريدة وكاتب التقرير للتفضل بزيارة المملكة ومشاهدة كيف يدار ملف حقوق الإنسان في مملكة البحرين، وفي ذات السياق سوف أطلعك على أخلاقيات العمل الصحافي في مملكة البحرين ونقارن ما هو موجود في أمريكا بما هو موجود في البحرين لعلك تتحرى الدقة وتنتهج الموضوعية أثناء تغطياتكم لأي خبر يخص البحرين.