يعيد وزير التربية والتعليم قراءة عبارة في كلمته التي ألقاها بمناسبة بدء العام المدرسي الجديد بعد أن تلعثم في قراءتها، فتقرر «المعارضة» أن التعليم في البحرين يعاني من ضعف وأن المناهج الدراسية هزيلة وفاشلة، وتحاول أن تنسف بسبب ذلك الخطأ كل تاريخ التربية والتعليم في هذه البلاد التي بدأ التعليم النظامي فيها قبل أكثر من قرن من الزمان ووفر لمجتمع البحرين كوادر كثيرة صار لها دور في الارتقاء بالحياة في البحرين وفي المنطقة.
أما تلعثم القارئ، وزيراً كان أو غير وزير، فأمر وارد وفي كل حين، وهو لا يعبر عن ضعف. السعي إلى استغلال مثل هذا الأمر والحكم من خلاله على مسيرة التعليم في البحرين هو الذي يعبر عن ضعف «المعارضة» التي من الواضح أنها أفلست، فلم تجد إلا هذه العبارة التي صحح الوزير من قراءته لها في التو والحال وبهدوء ومن دون ارتباك كي تنتقد بها وزارة التربية والتعليم والوزير والحكومة، وتحاول أن تنسف مسيرة أكثر من قرن من التعليم تفتخر بها البحرين والمنطقة وشارك في تأسيسها الجميع.
ترى من ذا الذي لا يخطئ في القراءة؟ ومن ذا الذي لا يمكن أن يتلعثم وهو يقرأ؟ ومن تابع كلمة الوزير لا شك أنه لاحظ أن الخطأ حدث في عبارة تحتوي على عدد وتمييزه، والواضح أنه شعر وهو يقرأ أن العبارة احتوت خطأ نحوياً فسعى إلى تصحيحه فتلعثم، وهذا أمر طبيعي جداً ويحدث مع الكثيرين. غير الطبيعي هو اعتبار مثل هذا الأمر إن حصل مع وزير التربية والتعليم نهاية العالم ومقياساً ودليلاً على فشل المناهج التعليمية والتعليم في البحرين.
من تابع ما جرى منذ أن فتحت وزارة التربية والتعليم الباب لخريجي الثانوية هذا العام على وجه الخصوص للاستفادة من البعثات والمنح التي توفرها الدولة، ولاحظ كمية الاتهامات التي وجهت للوزارة فيما يخص العدالة في توزيعها يسهل عليه معرفة بعض أسباب اعتبار «المعارضة» خطأ الوزير في قراءة تلك العبارة خطأ كبيراً وجريمة ومأساة تستدعي الثورة على التعليم والمناهج والوزير والحكومة. ومن تابع ما يتم نشره في بعض المواقع الإلكترونية وما يقال عبر تلك الفضائيات السوسة من كلام عن هذه الوزارة يسهل عليه معرفة الأسباب الأخرى التي اعتبرت فيها تلك «المعارضة» ذلك الخطأ سبباً لتسليمها الخيط والمخيط.
التركيز على موضوع كهذا تأكيد على ضعف «المعارضة» وفقرها وإفلاسها، وكما إنه ليس منطقاً اعتبار كل أصحاب العمائم لا يفقهون في الدين وينبغي تنحيتهم وإخضاعهم لامتحانات وإعادة تقييمهم بسبب وقوع أحدهم في خطأ وهو يتلو آية من القرآن أثناء إمامته للمصلين، والقول إن هناك خللاً كبيراً في عمل هؤلاء، كذلك فإن كل ما قيل تعقيباً وتعليقاً على توقف الوزير عند تلك العبارة بعيد عن المنطق. ولو كان منطقياً اعتماد هذا المعيار لجلس كثير من أصحاب العمائم في بيوتهم ولما غامر أحد بقراءة كلمة في أي محفل.
ما قيل في خصوص تلك القراءة ينبغي من «المعارضة» أن تتخذه فرصة لمراجعة نفسها وتقييم ما تقوم به لأنه باختصار يكشف عن خلل كبير ومدمر تعاني منه، فاستغلال قصة كهذه واعتبارها أساساً لإنتاج فيلم لا تفسير له سوى الإفلاس وسوى أن من طرح نفسه كرافعة للتغيير ترتكز تجربته في شاي الضحى ولا علاقة له بالسياسة.
بالمناسبة يمكن لأي شخص يتوفر لديه متسع من الوقت أن يدخل على «النت» ويستخرج عشرات بل مئات من الأخطاء التي وقع فيها كل من يخطر على البال من الأشخاص الذين تعتبرهم «المعارضة» نماذج وأمثلة تستحق أن تتخذ قدوة ومثالاً وهم يقرؤون الكلمات أمام الجمهور.