لم تترك إيران وسيلة إلا وسلكتها في إيذائنا، وأخطر حلقة تتعامل بها اليوم تبنيها استقطاب أبنائنا من الشباب العربي المغرر بهم من الطائفة الشيعية وإشرافها المباشر على فتح معسكرات لهم في لبنان والعراق فضلاً عن إيران، وتقوم بضخ كل إمكانياتها لإعدادهم، وهي ماضية في استدراجهم أولاً ثم توريطهم ليكونوا نواة المليشيات التي ستنتشر لاحقاً في دولنا، وهي نسخة طبق الأصل من المليشيات الدموية في العراق والشام واليمن ولبنان.
وبموازاة ذلك تنشط الخلايا النائمة وتجار السلاح وباقي القنوات ليل نهار بتأمين أدوات عملهم من الأسلحة المتوسطة والخفيفة والمواد شديدة الانفجار والعبوات والأحزمة الناسفة وتخزينها؛ بل حتى البدلات والرتب العسكرية كالتي تم اكتشافها في دولة الكويت.
يتم إعدادهم بمهنية وإتقان ويهيأ المتدرب بدنياً ونفسياً لكل فنون القتال واستخدام كافة أنواع الأسلحة، ثم يرحل بعد ذلك إلى القسم المختص ليأخذ موقعه؛ فمنهم من يزرع العبوات ويفجرها ومنهم من يتم تدريبه ليكون مقاتلاً في البر أو البحر، والآخر يزج به في فرق القنص والاغتيالات وآخرون ينخرطون في المراقبة والرصد ومجاميع الإعلام وتتبع أنشطة التواصل الاجتماعي وتغذيتها بالمعلومات المضللة وخرق الحسابات.
يتم التدريب بسرية وبعيداً عن الأنظار وبأعداد لا تلفت الانتباه، لكنها بشكل مستمر على مدار السنة، ويبدو أن هنالك فرقاً سرية تنظم تلك الأمور بجداول، وكل شاب قد أحيط بتاريخ التحاقه ومعسكر تدريبه والفترة الزمنية، بل قد تم تخصيص جميع مصروفاته ويُجرى له راتب منتظم عند عودته.
وقد أصبح اللعب على المكشوف؛ فلا يمر أسبوع إلا ونسمع عن حدوث خرق أمني لجس النبض ولاختبار القوات الأمنية وصحوتها وجاهزيتها، مما يترتب عليه الإقرار بالتريث أو الإقدام على الخطوة اللاحقة.
المثير للانتباه أن من يتم القبض عليهم يتكلمون دون وجل وهم متيقنون أنه لن يطالهم القصاص، وأن وراءهم من يتابع أمرهم وله من التأثير والقوة ما يجعلهم لا يشعرون بالندم على خيانة بلدانهم، وربما يُعزى ذلك لتراخي القضاء في إنزال القصاص العادل بهم ليكونوا رادعاً أمام الآخرين.
لقد ازداد نشاط تلك المجاميع الإرهابية بشكل ملحوظ تزامناً مع العمليات العسكرية وانشغال جيوش التحالف العربي بالتصدي لمخطط إيران التوسعي الخبيث في اليمن الشقيق، حيث اصطدم مخططهم بصلابة الجدار الخليجي، فيخطط العدو كردة فعل لخسائره بإحداث بلبلة وخرق أمني في داخل دولنا، بل حشد الآلاف مما يسمى بالحشد الشعبي (الطائفي) في العراق بإشراف قاسم سليماني، ونشر معدات ثقيلة ونصب قواعد الصواريخ على الحدود الشرقية للسعودية من جهة غرب الأنبار بحجة مطاردة فلول داعش لمشاغلة الجبهة الشرقية وخلط الأوراق عند اللزوم.
فالعدو يراهن على انتشار مجاميعه وخلاياه التي زرعها في كل البقاع التي يستهدفها، وقد أينعت وحان وقت قطافها ونحن في سباق مع الزمن؛ فمن سيقطف الغلة أولاً؟
العدو لا يقلق من اكتشاف بعض المجاميع وقطع الأسلحة هنا وهناك، وهذا وارد في حسبانه، فقد تدبر الأمر وخزن في أرضنا القنابل الموقوتة والخطط والقيادات البديلة التي تكفي لقلب المعادلة الأمنية.
لا أقول ذلك تشاؤماً وتثبيطاً لقدرات أجهزتنا الأمنية، فلولاهم لكان حالنا مثل تلك الدول، ونحن نشد على أيديهم ونضع أنفسنا وأولادنا رهن إشارتهم، لكني أضع تلك الحقائق أمام الجميع ليستشعروا الأخطار المحدقة بنا، مما يوجب التكاتف وأخذ زمام المبادرة وقطع الطريق لمنع اختراق الشباب ومنع انزلاق المزيد منهم وتكثيف إجراءات التحري لمن تورط لإعادته إلى رشده، كذلك التفكير في تثقيف وتدريب وتوعية المجتمع في كيفية الدفاع عن النفس وصد أي خرق أو اعتداء.
كلنا نتذكر أحداث 2011 وكيف تفاعل الشعب مع القوات الأمنية بروح عالية، ومازالت وقفة الفاتح ماثلة أمامنا، حيث أعادت الأمور إلى نصابها، وكيف تم ضبط المناطق من سكانها لصد الإرهابيين وبوسائل دفاع بدائية. لكن الأمر الآن اختلف كثيراً؛ فقد تغيرت الإستراتيجات، وما يخطط له أوسع وأكبر من تلك الأحداث وستشمل أكثر من موقع ودولة لإرباك المنطقة ولجعل كل دولة في شغل عن الأخرى.
بموازاة ذلك، بات لزاماً علينا أن نعد شعبنا لحالة الطوارئ، فالحقيقة المؤلمة أن التراخي مازال سيد الموقف، وأن جل شبابنا لا يتقنون إلا ركل كرة القدم نهاراً ونفخ الشيشة ليلاً.. فاحذروا يا شبابنا؛ فعصف الأحزمة والعبوات سيمزق شباككم وسيلهب نار شيشتكم ويحيلها إلى جمرات، فقد آن أوان إعادة الحسابات وترتيب الأولويات.