لو سألت «المعارضة» عن الدرجة التي يمكن إعطاؤها لأي وزارة أو الحكومة لقالت من دون تردد صفر من عشرة، تقول ذلك جازمة من دون أن تعلم أنها بهذا القول إنما تعترف بعدم موضوعيتها وبفشلها في العمل السياسي، حيث الموضوعي والمشتغل بالسياسة لا يمكن أن ينسف كل الإيجابي للآخر، فيقول عنه إنه سلبي فقط لأنه من عمل الحكومة. ومنطقياً لو كان كل عمل الحكومة سالباً لما تمكنت البلاد من مواكبة التطور في مختلف المجالات ولانتهت منذ زمن. لو تابعت أي مقابلة لأي واحد من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم معارضة في أي فضائية من الفضائيات السوسة أو المواقع الإلكترونية التابعة لها، وخصوصاً أولئك الذين اختاروا الخارج موئلاً؛ لوجدت أنه يحرص على التقليل من شأن كل عمل قامت أو تقوم به الحكومة ويهتم بتسخيف كل إنجازاتها؛ فالمناهج الدراسية في نظره فاشلة والمستشفيات تعاني والتجارة متخبطة والصناعة متخلفة والأمن ضعيف والإسكان غير قادرة على تقديم المفيد، والحكومة برمتها تعيش في زمن لا يمت لهذا العصر بصلة. هكذا بكل بساطة تشطب كل الإنجازات التي لولاها لما احتلت البحرين أي درجة في أي قائمة عالمية ولشطبت من قائمة الدول. لو كان هؤلاء يمتلكون شيئاً من الخبرة السياسية لما اعتبروا الصح خطأ، ولما أنكروا الإنجازات التي يراها العالم أمامه واضحة جلية، ولوظفوا ذلك لمد جسر بينهم وبين الحكومة، فعندما تشطب بجرة قول كل إنجازات الحكومة فهذا يعني أنك تهدم كل الجسور معها، بينما الاعتراف بإنجازاتها والثناء على كل عمل يخدم المواطنين قامت به يوفر مساحة تعين «المعارضة» على حل جزء غير يسير من المشكلة. إلغاء الآخر هو الأسلوب الذي تعتمده «المعارضة»، والتسخيف بالإنجازات والتقليل من أهميتها ديدنها، ولهذا فإنها تعتبر أن الحكومة لم تفعل شيئاً يفيد الوطن والمواطنين، وترى أنها هي فقط التي يمكنها أن تقدم شيئاً للوطن والمواطنين لو تسلمت زمام الأمور. هذا النوع من التفكير يسيء إلى «المعارضة» ويقلل من شأنها حتى لدى المتعاطفين معها من الدول والمنظمات، لأنه من غير المعقول ألا يكون للحكومة بعد كل هذه السنين من العمل الجاد أي إنجاز يفتخر به، ولأنه من غير المعقول أن تكون البحرين قد تطورت هكذا من دون جهود بذلتها الحكومة. لولا أن مناهجنا جيدة لما تخرج المنتمون إلى «المعارضة» وأبناؤهم ولما نفعوا أنفسهم، ولولا أن مستشفياتنا متطورة لما حصلوا على العلاج الجيد، ولولا أن البحرين دولة مؤسسات لما حصلوا على أي حق من حقوقهم، ولولا أن القيادة تؤمن بالحريات لما تمكنوا من التعبير عن آرائهم بكل بساطة ولما تمكنوا من إيصال صوتهم إلى العالم. إنكار الإنجازات والإيجابيات يسيء إلى «المعارضة» لأن العالم لا يمكن أن يتعاطف مع غير الموضوعي والمبالغ في الأمور، ومن يلغي الآخر ويلغي الحقيقة ويعتبر نفسه الوحيد الذي يستطيع أن يفعل «الهوايل».اعتبار «المعارضة» الحكومة أنها لم تعمل شيئاً يفيد المواطنين ويرتقي بالوطن اعتراف منها بأنها بعيدة عن الموضوعية وأنها لاتزال تعيش مرحلة المراهقة الفكرية، لأن الموضوعي والناضج لا يمكن أن يلغي الآخر أو يقلل من إنجازاته، خصوصاً وأنه يستفيد منها، ولولاها لما تطور وحصل على كل ما يتمتع به الآن من خدمات.الاعتراف بإنجازات الحكومة وعدم التقليل من شأن ما قدمته وتقدمه يعين على إيجاد مساحة يمكن الاستفادة منها في بناء الجسور التي صار البعض يدعو إليها بكثرة هذه الأيام، بينما التقليل من شأن كل ما تقوم به الحكومة ومحاولة إظهارها على أنها فاشلة يحرم «المعارضة» من تلك المساحة ويصير الصفر من نصيبها.