الجهد الدبلوماسي البحريني الذي أثمر البيان الوزاري الخليجي للرد على بيان جنيف الموجه ضد البحرين هو جهد يستحق الشكر والتقدير ورفع القبعة.
استخراج موقف خليجي صارم كالذي ظهر في البيان يتوعد باتخاذ إجراءات خليجية موحدة ضد الدول التي وقعت على البيان هو إنجاز للسياسة الخارجية البحرينية أولاً وهو استثمار في محله وتوظيف للعلاقات الدبلوماسية الخليجية الطويلة والعريقة، على البحرين ألا تتردد لحظة في البناء عليه لتعزيز موقفها الدولي دونما انتظار لاجتماعات دورية.
المجتمع الدولي ظل إلى هذه اللحظة ورغم مرور أكثر من أربعين عاماً على مجلس التعاون يتعامل مع دولنا فرادى، ينفرد بكل دولة على حدة للضغط عليها ولابتزازها، وحين تنجح البحرين بالدفع لإصدار بيان «خليجي» موحد للرد على بيان 33 دولة فإننا أمام سياسة خارجية خليجية مختلفة تعلن لهذا المجتمع أن أي مساس بدولة خليجية عليه أن يضع في اعتباره أنه مساس بكتلة جيوسياسية واقتصادية لا يستهان بها.
أما بخصوص السياسة الخارجية التي اتبعتها دول مجلس التعاون في هذا البيان والتي أبرزتها ككتلة واحدة فهي سياسة حصيفة مبنية على سياسة العصا والجزرة معاً، تبدي انفتاحاً للتعاون من أجل تعزيز حقوق الإنسان كمبدأ عام وتظهر حزمها من المواقف الابتزازية في هذا الملف، ولن يحسب لنا العالم حساباً إلا أن كان حراكنا جماعياً وكان حازماً صارماً كما فعلنا في هذا البيان.
وفي ظل المرحلة الراهنة الدقيقة والحساسة والمصيرية وقواتنا المسلحة تخوض حرباً للدفاع عن مصالحنا الاستراتيجية وتحتاج قواتنا جهداً دبلوماسياً خليجياً موازياً كي يضمن موقفاً عربياً وموقفاً دولياً مؤازراً ومعززاً هذه المعركة المصيرية، لا ينتظر دورية الاجتماعات إنما يعمل على مدار الساعة بسرعة ودينامكية غير تقليدية وغير مسبوقة لا تنتظر اجتماعات لمجلس الأمن أو لاجتماعات وزارية دورية فحسب، فالحراك العسكري على الأرض متغير وسريع، والمواقف الدولية التي استخرجت في قرارات أممية قابلة للتبدل وللتغير وفقاً للظروف والمتغيرات على الأرض، والدول تخضع لضغوط تمارسها روسيا أو إيران من جهة وغيرها من الدول من جهة أخرى، وهناك حراك يجري خلف الكواليس الدبلوماسية والسياسية للتخفيف من ضغط قوات التحالف على قوات الحوثيين وعلي صالح، كل ذلك يحتاج لجولات مكوكية للدبلوماسية الخليجية.
وتستطيع البحرين أن تدفع بهذا الاتجاه موظفة تلك العلاقة الإيجابية بين وزير الخارجية البحريني وبقية وزراء دول مجلس التعاون الخليجي.
وألا يقتصر الأمر على المستوى الوزاري فقط بل أن يصدر التوجيه لسفرائنا وقنصليتنا وبعثاتنا الدبلوماسية في العواصم الأوروبية للتنسيق فيما بينها والعمل بخط مفتوح واجتماعات معقودة على مدار الساعة، وتوجيههم للتحرك مع زملائهم سفراء دول مجلس التعاون، لتظهر الصورة جلية للمجتمع الدولي أن هناك فعلاً وحقاً ما يسمى «مجلس للتعاون» خليجي، وأن هناك فعلاً «كتلة» دبلوماسية وعسكرية وسياسية وأمنية خليجية واحدة.