يمكننا أن نحترم الدول الكبرى منها والصغرى، كما يمكن أن نتقاسم معها كل الهموم والمصالح المشتركة، بل وكل ما يُقرأ في نشرات الأخبار من المفردات التي تقطر مجاملات دبلوماسية. كما من المفيد أن تتعاون دولتنا مع كل الدول التي تسعى لتحقق أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية والثقافية التي تعود على شعبنا وشعوب تلك الدول بالفائدة والمصلحة.
كل هذا يمكن أن يتحقق في عالم السياسة، باعتبارها «فن الممكن»، حيث لا عداوات دائمة، ولا صداقات مستمرة، فالمصالح المشتركة - تحت المشتركة ألف خط - هي التي يجب أن تكون الفيصل في العلاقات الدولية، أما أن تتكدس المصالح لحساب دولة على حساب دولة أخرى، فهذا الأمر لا علاقة له بالسياسة، والدولة التي تقبل بذلك، إما أن تكون دولة غبية أو غير قادرة على فهم تفاصيل المصالح المشتركة.
نحن اليوم نجد أن كل الدول تحاول أن ترسم واقع وطننا، وكل تلك الدول تتسابق على التدخل في شؤوننا، وإصدار البيانات الخاصة بدولتنا، حتى أن بعض الدول تمادت في هذه التدخلات بشكل سافر وبطريقة غير دبلوماسية، مما أدى ذلك لاستئساد الدول الصغيرة علينا، فكيف بالدول الكبيرة؟
هنالك فرق شاسع بين التدخل في شؤون الدول الأخرى، وبين المصالح المشتركة، فالأولى تكون من دون إذن الدول وتسمى وقاحة، أما الأخرى فتكون تحت سمعها وبصرها وبرضاها وتسمى صداقة، ولهذا نحن نصر على أن يكون موقف الدول كل الدول من قضايانا بإذن سياسي وشعبي، ومن دون ذلك فإن الأمر لا يستقيم، خاصة علاقة الدول ببعضها البعض، وعلاقاتها مع دول الجوار.
لا يمكن لقوة الدولة ولرعاياها أن تتحقق من خلال استعانتهما بالخارج أو الاستقواء بالأجنبي. فالقوة يجب أن تُستمد ذاتياً من خلال قوة الدولة، ومن خلال رفض الشعب لأية تدخلات خارجية، مهما كانت قوتها ومكانتها، فالدول التي لا تملك حصانة ذاتية، هي نفسها الدول التي لا يمكن لها حماية نفسها، بل ربما تجعل نفسها في موقف لا يُحسد عليه، حين تكون كـ «دكان مفتوح» يدخله من هب ودب من الحكومات المختلفة.
يجب علينا أن نعلم بقية الدول أن قراراتنا الخاصة بحلحلة مشاكلنا السياسية يجب أن تكون داخلية، ونحن، لا غيرنا، القادرون على تصحيح مسارتنا السياسية، وإن كان ولابد، فلا يكون ذلك إلا بتفويض رسمي وشعبي، وإلا سوف نكون دولة ضعيفة، غير قادرة على إدارة شؤونها، مما سيفتح المجال للأجنبي أن يقول كلمته في البحرين، هذه الدولة التي لا تعنيهم إلا في حدود المصالح المشتركة فقط، وما دون ذلك فهو تدخل سافر لا يمكن أن يكون سلوك دولة.