الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة دعا إيران أخيراً إلى مراجعة سياستها فقال عبر تغريدة مهمة إن «صوت الحكمة واضح، على إيران أن تغير سياستها تجاه العرب، ولتجرب احترام السيادة وعدم التدخل وحسن الجوار، وستكتشف أن النتيجة أفضل لها وللعرب»، ذلك أن إيران لم تجرب هذا الأمر من قبل وظلت منغمسة في سياستها التي تعتمد عدم احترام سيادة جيرانها والتدخل في شؤونهم حتى صارت الجار السوء، فلو جربت ما يدعو إليها الوزير قرقاش ومعه كل أبناء الخليج العربي فإنها دونما شك ستكتشف أن النتيجة أفضل لها ولجيرانها ولعموم المنطقة.
مشكلة إيران أنها لم تفكر في هذا الاتجاه ولم تسلك هذا الطريق ودخلت بدلاً عن هذا في الطريق المعاكس فخلقت لنفسها عداوات وفتحت أبواباً لم يأتها منها سوى الأذى. والمثير هو أنها لن تهتم بهذه الدعوة مثلما أنها لم تهتم من قبل بدعوات مماثلة، وهي بالتأكيد لن تهتم بدعوات من هذا القبيل ستأتيها لاحقاً من أي مستوى حيث الواضح أن قدراتها الاستيعابية لا تعينها على مثل هذا الأمر.
إيران ظلت مصرة على السير في الطريق نفسه الذي بدأت السير فيه منذ دخولها في عهدها الجديد بعد انتصار الثورة على حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وهي ستظل مصرة على السير في الطريق ذاته، ربما بسبب العنجهية الفارسية التي تجعلها تنظر إلى جيرانها العرب نظرة فوقية، وربما بسبب قلة خبرة قادتها وافتقارهم إلى الحكمة، أو بسبب ضيق أفقها وسيطرة فكرة إحياء الإمبراطورية الفارسية على تفكيرها، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة وغيرها، وهذا أمر مؤسف لأنها ببساطة لا يمكنها أن تكسب ثقة جيرانها مهما فعلت، فالطريق الذي اختارته لا يوصل إلى الثقة فيها.
رغم صعوبة نسيان الخطأ الذي ارتكبته إيران في بداية عهد الملالي عندما أعلنت أنها ستصدر الثورة إلى جيرانها إلا أن هؤلاء الجيران وبسبب سلميتهم وإيمانهم بأهمية التعايش مع الآخر يمكنهم تجاوز هذا الخطأ والتعاون من أجل استقرار المنطقة، بل إنهم أعلنوا عن هذا في مناسبات عديدة، بل مدوا يدهم لإيران ودعوها إلى ما فيه خيرها وخير المنطقة، أما النتيجة فكانت إصرارها على السير في النهج ذاته الذي اختطته لنفسها.
إيران تصر على السير في هذا النهج السقيم رغم توفر الأمثلة العملية التي تؤكد لها أن السير في الطريق الآخر ينفعها وينفع جيرانها والمنطقة، ورغم أنها تعلم جيداً أن دول الخليج العربي لن تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية ولن تسمح لها بذلك، ورغم علمها أن هذه الدول لم تعد كما كانت فهي اليوم غنية بالثروات وبالعقول ومتلاحمة وينظر إليها العالم كله ككتلة واحدة وتمتلك من القوة العسكرية ما لا يمكن لإيران أو غيرها أن تهددها وتبتزها.
لو أن إيران تريد أن تدخل في الطريق الآخر فالباب مفتوح لها وليس عليها سوى المبادرة وتوفير ما يلزم من أدلة على أنها راغبة في السير في هذا الاتجاه. ليس مطلوباً منها الإدلاء بالتصريحات لأنه لا قيمة لها إن لم ترفد بعمل، المطلوب هو أن تقوم بمجموعة أعمال تثبت من خلالها أنها تريد فعلاً السير في هذا الطريق وأنها مقتنعة أنه سيعود عليها بالنفع أكثر من الطريق الآخر الذي ظلت مصرة عليه.
بالنسبة لنا في البحرين يكفينا أن نتأكد من توقفها عن دعم من يريد بنا السوء وتوقفها عن التدخل في شؤوننا الداخلية لنبدأ معها صفحة جديدة، فهل تستطيع؟ شخصياً أشك إلا أن يحاط بها.