أول هام، كان من المفترض أن أتناول في مقال اليوم القرار الصادر من لدن جلالة الملك بتشكيل حكومة مصغرة، لكنني ارتأيت تأجيل الحديث إلى المقال القادم حال اتضاح الصورة العامة بشكل أكبر، وإعلان تشكيل الحكومة المصغرة، فليسمح لي القارئ الكريم.
ثاني هام، وهو كلام مرسل إلى البحريني الأصيل، وتحديداً للشرفاء والمخلصين:
البحرين اليوم في أمس الحاجة إلى وقفتكم تماماً كما حدث في «الفاتح»، فدعك من الفضول، والقيل والقال، والانشغال أو التدخُّل فيما لا يعنيك، وثق أن من أدار أزمة 2011 بحكمة واقتدار، وانتشل «الوطن» بعد أن كاد قاب قوسين أو أدنى من السقوط في براثن مؤامرة ولي الفقيه، لقادر على أن يدير دفة كافة الأمور بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بنجاح واقتدار، وأن يعبر ببلدنا وشعبنا إلى بر الأمان، وفق رؤى، تستفيد من دروس الحاضر وتستشرف المستقبل، كما عودنا «بو سلمان»، وهي رؤية إصلاحية تحديثية شاملة تقوم على إحداث نقلة نوعية في مسيرة العمل والإنجاز والبناء، والاستثمار في العنصر البشري.
كان بودي أن أرسل كلامي هذا في رسالة شخصية لكل بحريني، ولم أكن أتمنى أن أكتبه أو أنشره، لكنني عجزت، بجانب أن تصاعد وتيرة الكلام على وسائل التواصل الاجتماعي دفعني إلى التعجيل بالكتابة، لكوني وكمواطن أعشق تراب بلدي وأحب أهل «الفاتح» جداً، وأتمنى أن يفيقوا، ولا أرتضي أن يتناغم كلامهم – من حيث لا يشعرون – مع جماعة «الوفاق»، ويصب في خدمة مشروعهم الإيراني الطائفي والعنصري.
والآن دعنا نلج إلى صلب المقال..
انزعج الكيان الإيراني المحتل من البيان الأخير الصادر من المجلس الوزاري الخليجي، والذي أدان فيه التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لدول مجلس التعاون، وإيواءها الهاربين من العدالة، وفتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات إرهابية، داخل دول المجلس، كما حدث مؤخراً في مملكة البحرين، وطالب على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم «بدليل ملموس على هذه الاتهامات»، ولا أدري هل هناك دليل قاطع وواضح أكبر من اعترافات المجموعات الإرهابية التي تم القبض عليها في البحرين والكويت؟!
على فكرة تعدد حالات الإنكار عند ولي الفقيه ليست الأولى من نوعها، وهي شبيهة بحالة المجرم المتمرس الذين يصعب شفاؤه، فهو يأخذ من الإنكار طريقاً للتضليل على أمل أن يفلت من العقاب، فهل صادفت ضليعاً في الإجرام يعترف بجريمته؟!
إذا افترضنا جدلاً أن البحرين وطوال هذه السنين تتجنى «وترمي بلاها» على إيران، وأن ولي الفقيه، «كيوت» وبريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ولا علاقة له بالمتفجرات التي قبضت على جسر الملك فهد، ولا بمخازن المتفجرات التي ضبطت في «دار كليب» و»سلماباد» والتي تكفي لإزالة العاصمة المنامة، ولا بالخلايا الإرهابية التي يتم القبض عليهم بين الفينة والفينة الأخرى، ومنذ عقود، رغم اعترافاتهم جميعاً على إيران.
طيب، والكويت؟! وخلية العبدلي؟! واعترافات المتهمين على الدبلوماسي الإيراني، والتخابر مع إيران وما يسمى بـ «حزب الله»، وكمية المتفجرات والأسلحة والذخائر التي ضبطت..
طيب واليمن؟! ودعم الحوثيين؟!
لا أظن أن أحداً يمكن أن «يتفلسف»، ويقول لنا إن هذا أيضاً تجني وافتراء وتآمر على ولي الفقيه.
بل على العكس، طبيعي أن يطل عليك «مواطن» من هنا أو هناك، يتحدث عن مؤامرة كونية ضد «الثورة الخمينية الفارسية»، وينكر ويدافع عنها في كل هذه التهم بل ويشكك في كل هذه الاعترافات، ويسألك بكل بجاحة ووقاحة: أليس من الممكن أن هذه الاعترافات انتزعت بالقوة؟!
لا تستهجن أو تتعصب، وأجب على هذا السؤال التافه بهدوء، حتى تحمي المناطق القابلة للانفجار في جسدك، كالمرارة وشرايين القلب، والإجابة: لأنك تعشق وطناً آخر غير الذي عشت وتربيت عليه، وأكلت من خيره، فمن الطبيعي ألا تصدق كل ما يقال عليه، حتى لو جئت لك ببينة ودليل من السماء، فالاضمحلال الوطني في نفسك، هو ما يجعلك ترفض الإقرار وتصديق الحقيقة، لذلك فأنت بحاجة إلى تأهيل نفسي وتربية وطنية، ونصيحة لوجه الله، إذا استفزك طرحي ودفعك لسبي ولعني بدلاً من مناقشتي ومواجهة نفسك بالحقيقة، فأرجو ألا تتردد، لأن رصيدي من الأجر بدأ ينضب.