قضايانا أصبحت متشعبة، ساخنة كسخونة مناخ البحرين، قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية، قضية وطن، وقضايا فساد، جميعها – القضايا – تشغل الجميع، السياسي والاقتصادي والنخبة والمثقف وحتى ربات البيوت والشباب، فجميعنا في بلد واحد يكمل بعضنا البعض، همنا واحد وقلقنا واحد، فإلى متى ونحن في دوامة هذه القضايا التي تزداد تعقيداً؟! نساير المدنية لا تنفع، ونساير الديمقراطية فلا تنفع، بتنا نساير الجميع «بس ... حتى نعيش بسلام»!
تمر البحرين اليوم بمرحلة صعبة تمس حياة المواطن المعيشية، بعد العجز المالي، فعائدات النفط في الحضيض، وعائدات الاستثمار ومداخيل السياحة لا تؤتي أكلها، «وعلى فكرة» أزمتنا المالية قصة طويلة لا تنتهي ولن تنتهي إلا إذا كانت هناك معالجات وخطوات جادة، وقرارات موجهة تخص الفساد المالي والإداري، الذي يعاني منه شعب البحرين كافة.
لا شك في أن الأزمة السياسية التي تمر بها البحرين لها دور كبير في تدني الاقتصاد في البلد، فالإرهاب ومن يحتضنه يؤثر سلباً على إنجازات ومكتسبات الوطن، فالاستقرار الأمني له دور رئيس في استقرار الاقتصاد وانتعاشه، ولكن لا نريد أن يكون ذلك «علوقه» لما يعاني منه المجتمع من فساد إداري ومالي واضح في بعض القطاعات الحكومية وشبه الحكومية.
مشاريع التمليك الحر التي طرحتها البحرين بالقرب من البحر في مناطق متعددة من البلاد، والتي تتيح حتى لغير البحرينيين أن يمتلك فللاً وشققاً، لم يستفد منها المواطن البسيط لتحل أزمته الإسكانية، ولم يلمس المواطن عائدات هذا الاستثمار، أما السياحة في البحرين فهي متذبذبة بحكم أنه لا توجد سياحة، غير كم من مجمع تجاري وكم من شارع يتسكع فيه الشباب!
وبرغم ما تقوم به هيئة الثقافة من فعاليات متعددة، لا نلمس أنها تصب لتنعش الاقتصاد، رغم أن بعض هذه الفعاليات جميلة وراقية جداً، لكنها لم توظف وتسوق حتى يستفيد المواطن من هذه الفعاليات، هناك شركات شبه حكومية لا نعلم عنها شيئاً غير أنها تخصص لها ميزانية كبيرة حتى تنتعش، ناهيك عن الشركات التي تدر ذهباً، ولا يلمس المواطن ولو «شوية» من الذهب! لذلك نحن في أزمة حقيقية.
الشعب البحريني لا ينتقد بمناسبة أو غير مناسبة كما يتصور البعض، ولكن لديه عينان يرى بهما وله عقل يميز به، اليوم تقلصت معظم الميزانيات «واحنا تونا» في بداية الاستنشاق، ولكن وصلنا لمرحلة الاختناق من جراء «شد الحزام» والغلاء الفاحش في كل شيء، فإذا كانت الحكومة جادة في الخروج من الأزمة المالية عليها أن تبدأ التنظيف من فوق، نزولاً للأسفل، وليس العكس، ميزانيات الوزارات «يا دوبها» تكفي «يقولون»، ولكن مازالت آثار النعمة على المسؤولين عنها، ومازالت الميزانيات ترصد لفعاليات خارج وداخل البحرين، والمواطن المسكين ما بين دعم، ورفع الدعم، والله المستعان.
لذلك، مطلوب من أصحاب القرار إنقاذ ما تبقى من استقرار، ولن يتحقق ذلك إلا بتطبيق القانون على كل من تسول له نفسه زعزعة الاستقرار بكل أشكاله، فالأزمة المالية واضحة، ولن يتأثر بهذه الأزمة غير البسطاء الذين يطبق عليهم كل شيء ولا يطبق عليهم تعديل الراتب والسكن، الله يكون في عون المواطن فمازال على أعتاب الأزمة المالية، ولم تتعمق الأزمة بعد.