فور إعلان توجيهات جلالة الملك حفظه الله ورعاه بشأن الحكومة المصغرة والسعي لحل المشاكل المالية طالعتنا حالة غريبة لدى بعض الوزراء.
هذه الحالة ذكرتنا بأيام الحملات الانتخابية للمجالس النيابية.
فجأة امتلأت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي بأخبار الوزارات وتحديداً الوزراء وتصريحاتهم لدرجة أن الجرائد لو أرادت نشر أخبار صحافييها الحصرية وتغطياتهم لما وجدت مساحة بسبب سيل الأخبار الرسمية التي وصلتها والصور (يا عيني على الصور) التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي.
الحراك الذي حصل أحسسنا بأننا نعيد بناء الدولة من جديد، وأن الوزراء يستنهضون جهودهم بشكل غير مسبوق.
بعضهم فتح مجلسه ليستقبل الناس والمراجعين بنفسه، وبعضهم قال إن هذه الخطوة تأتي في إطار تنفيذ توجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء حفظه الله! والمفارقة أن سموه يدعو ويوجه لذلك منذ سنوات طوال وبعض الوزراء يبدو أن لديهم مشكلة في «السمع» فلم ينفذوا في تلك الفترة، لكن في الأيام الماضية فتحت المكاتب والمجالس، وأعطونا أياماً إضافية لربما وجدتم وزراء يقفون في الشارع يدعون المارة للدخول إلى المكاتب، ولا أستبعد أن يقوم وزراء بـ«خلع» أبواب مكاتبهم هذه الأيام.
بعضهم ترك مكتبه وأخذ يصول ويجول و«يفتر» متفقداً كل المواقع المعنية بوزارته، بعضهم وصل للجلوس على الأرض ليتحدث مع المعنيين بقطاعه، بعضهم أخذ يكشف خططاً مستقبلية واستراتيجيات ومساعي لتحقيق إنجازات.
والله كنا نظن أن الدعاية الانتخابية بهذا الشكل الذي يصل للمواطن حتى داخل بيته تقتصر على المرشحين النيابيين، لكننا شهدنا في الأيام الماضية حملات دعاية وزارية، لم تشمل كل الوزراء بل بعضهم، وكأن لسان حالهم يريد القول «يا قيادتنا العزيزة نحن هنا.. نحن هنا ونعمل!».
والله مؤسف هذا الحال إن كانت هذه قناعة بعض المسؤولين لدينا، والذي يثبت أن مساعيهم لا تركز على خدمة الوطن والمواطنين، بل على جني رضا القيادة ليستمر تعيينهم في مناصبهم!
والله القيادة لا تريد منكم هذا «الشو»، لا تريد منكم كسب رضاها فقط، بل هي عينتكم ومنحتكم الثقة لتخدموا الوطن والناس، لتحوزوا على رضا الناس نظير عملكم وإنجازاتكم، لا لتشحنوا الصحافة ووسائل الإعلام بأخباركم الرسمية التي تقولون فيها ما تريدون وبعضها للأسف لا يعكس الواقع ولا يعبر عن مستوى رضا الناس.
أعوذ بالله من هذا الكرسي الذي يجعل الشخص يستميت من أجله، ويجعله يهب ناهضاً مستفيقاً من سبات عميق حينما يحس بأن موقعه مهدد وأن التغيير قد يطاله.
لعل في تأخر إعلان ملامح المرحلة الجديدة خيراً، لعل في إعلان تشكيل الحكومة المصغرة التي سيتقلص عدد وزرائها فائدة للقيادة بحيث ترى وتتابع من يتحرك متأخراً، من أخذ نفسه «على هونها» ولم يكن شغله الشاغل تسريع عجلة التطوير والإنتاج لأجل الوطن والمواطن.
والله لو كان التأخير لاستقراء المشهد واختبار بعض الوزراء وبالتالي تصنيفهم ومعرفة الجاد من الأقل جدية ومعرفة من يستحق البقاء ومن يتوجب رحيله، فإننا نعتبرها خطوة حصيفة ذكية تصب في اتجاه اختيار الشخص المناسب الجاد لشغل المكان المناسب خاصة وأننا نتحدث عن مناصب محدودة.
المسؤول الجاد والوزير المنتج الذي لم ينهج هذا النهج في هذه الأيام ويعمل طوال أيام العام بنفس الروح المسؤولة وبنفس الحماس لأجل الناس نحييه ونشد على يده ونعتبره عنصراً فاعلاً لا يفرط به. أما من «انتفض» حينما أدرك أن الكرسي ربما «يطير»، فنتمنى بالفعل أن يمنح حقه في التقدير والشكر لما قدمه إعلاناً لنهاية الخدمة.
لربما نشهد هذه الأيام وفي إجازة العيد مزيداً من «شو» البعض، فتابع يا مواطن والله يوفق القيادة، في المقابل الله «يهون عليك» يا وزير.