أن تختلف مع السلطة فهذا حقك كمواطن، والدستور كفل لك هذا الحق، والقانون نظم الوسائل والطرق التي تتيح لك التعبير عن رأيك بكل حرية والدفاع عن قناعاتك ومطالبك، لكن ما هو ليس من حقك وتستحق بسببه وصفك بالخائن هو أن تسعى إلى تشويه سمعة وطنك فتتيح لكل من يريد له السوء الفرصة للنيل منه والتقليل من مكانته. هذا أمر يفترض ألا يختلف عليه اثنان، ذلك أن التعبير عن الرأي شأن، والإساءة إلى الوطن بتشويه سمعته شأن آخر، الأول من حقك، ويعززه الدستور والقانون، لكن الثاني عيب وخيانة وسلوك لا يمكن قبوله من عاقل ويزيل عن مرتكبه صفة الانتماء، فأي مواطن هذا وأية وطنية هذه التي يمكن أن توصف بها وأنت تبذل كل ما تملك من جهد للإساءة إلى وطنك؟!
قبل أيام رقص البعض على تقرير صدر من موقع أجنبي يهتم بالمواقع السياحية، وصف المنامة بأبشع الأوصاف، وبدل أن يستثير التقرير ذلك البعض ويغضبه صفق له وأثنى عليه وفرح به، وكأن التقرير يتناول مدينة لا علاقة له بها ووطناً لا ينتمي إليه. هل يعقل أن يصل البعض إلى هذا المستوى؟! هل يعقل أن يسيطر الحقد على البعض إلى الحد الذي يرى فيه الإساءة إلى وطنه انتصاراً له وسبباً للفرح؟!
المثير أن كلاماً كهذا لو سمعه ذلك البعض عن مدن وبلدان لا ينتمي إليها ويفترض ألا تعني له شيئاً يغضب ولا يتردد عن الدفاع عنها باستماتة، والرد على مثل ذلك التقرير بألف تقرير وتصريح. يفعل ذلك حتى وهو متأكد من صحة كل ما ورد في التقرير من معلومات. يفعل ذلك حتى وهو يرى ما قيل عن تلك المدن والبلدان بأم عينيه.
هل هذا يدخل ضمن النضال والكفاح ويتناسب مع الشعارات التي يرفعها ذلك البعض؟! هل ما قيل ولا يزال يقال في الندوات التي عقدت وتعقد في جنيف حالياً عن البحرين من قبل «مواطنين بحرينيين» يدخل في هذا السياق؟! ليس من عاقل يمكن أن يقول إن هذا نضال وكفاح لأن هذا لا علاقة له بمثل هذه العناوين، فالمواطن لا يمكن أن يقبل ذلك على وطنه وتؤذيه الكلمة الناقصة التي يسمعها عنه.
اللافت أيضاً أن الجمعيات السياسية التي ترفع الشعارات الوطنية الرنانة ترى وتسمع كل ما يقوله ذلك البعض عن الوطن وتسكت بل تعتبره أمراً عادياً وحقاً وأسلوباً عن التعبير عن موقف ولا تسأل من ينتمي إليها عن مثل هذا التصرف!
منطقياً، كل من قال عن البحرين كلمة ناقصة في جنيف أو غيرها ينبغي أن يحاسب، ومنطقياً أيضاً ينبغي أن يحاسب كل من أيد ويؤيد ذلك، بل ينبغي أيضاً محاسبة كل من يسكت عن ذلك، فماذا أكثر من الإساءة للوطن والعمل مع سبق الإصرار والترصد على تشويه سمعته؟!
محاولات تشويه سمعة البحرين من قبل من يريد السوء للبحرين ازدادت في الفترة الأخيرة، ووجد «أبطالها» في القرارت المتعلقة بالتعامل مع الأوضاع المالية التي تمر بها البلاد أرضاً جديدة ينطلق منها ليسيء إلى «وطنه»، فبدلاً من أن يعمل مع الآخرين على تجاوز هذه المرحلة يستغل ما يجري، ليزيد من جرعة الإساءة والتشويه. لكن هذا الأمر ينبغي ألا يمر هكذا من دون أن يتناوله المعنيون بالدرس والبحث، لأن ما يقوم به ذلك البعض غريب، وقد لا يوجد له مثيل في العالم، كما ينبغي ألا يمر هكذا من دون محاسبة، فمثل هذا الفعل القميء لا علاقة له بالحرية وحقوق الإنسان ويدخل في باب خيانة الوطن.