بكل ثقة وببساطة، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران هي «القوة الرئيسة لمكافحة الإرهاب في المنطقة»، وإن «على المنطقة ألا تعتمد على «القوى الكبرى»، وأضاف في خطاب ألقاه قبل عرض عسكري أقيم بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لاندلاع الحرب العراقية الإيرانية «1980 - 1988» «نقول للعالم إن القوة الرئيسة لمكافحة الإرهاب هي القوات المسلحة الإيرانية.. هي وحدها القادرة على تدمير الإرهابيين»، واستشهد بدور إيران في سوريا والعراق، فقال «في العراق وفي سوريا وبطلب من حكومتيهما، ساعدنا جيشيهما على مكافحة الإرهاب»، وهو قول صحيح وإن عكرت صحته، عبارة «بطلب من حكومتيهما». روحاني خلص إلى أن القضاء على الإرهابيين يتم «بالجيش والحرس الثوري وقوات الباسيج الإيرانية» فهم «الأمل الوحيد لمحاربتهم»، ودعا الدول المتضررة من الإرهاب إلى الثقة في إيران وحدها و«ألا تظن أن القوى الكبرى ستدافع عنها».
كلام الرئيس روحاني يحتمل أكثر من تفسير، لذلك لن يكون غريباً لو فهم البعض منه أن إيران هي التي تقف وراء الإرهاب، كل الإرهاب، وتحركه، وإلا كيف لها «وحدها» أن تكافح الإرهاب وتقضي عليه؟! مثل هذا الكلام يكون صحيحاً في حالتين فقط، الأولى، أن إيران وحدها من دون دول العالم التي تمتلك القوة، والثانية، أنها هي التي تحرك الإرهاب، وبالتالي لن تتكلف سوى أن تطلب من عناصرها التوقف عن ممارسة فعل الإرهاب.
كلام روحاني يحتوي ثقة عالية جداً بالقدرات الإيرانية، وغروراً لا يتوفر إلا لدى الفرس، ومعلومات غير دقيقة خصوصاً فيما يتعلق بعبارة «بطلب من حكومتيهما»، عندما تحدث عن مساعدة الجيشين السوري والعراقي لمكافحة الإرهاب، ذلك أنه لولا تدخل إيران في سوريا والعراق لما توفر الإرهاب فيهما بهذا الشكل، كما إن هذين البلدين ليسا في وضع يمكنهما من الطلب من إيران مساعدتهما على مكافحة الإرهاب لأن إيران تحتلهما أو على الأقل لها الكلمة الفصل في سياستهما، أي أنه إذا كانت الحكومتان السورية والعراقية قد طلبتا من إيران مساعدتهما على محاربة الإرهاب فإن ذلك تم بطلب من إيران نفسها!
أيضاً كلام روحاني فيه تهديد لدول المنطقة كافة، فعندما يقول إن «الجيش الإيراني وحرس الثورة وقوات الباسيج وحدهم من يمكنهم القضاء على الإرهاب»، فإن هذا يعني أن هذه القوة قادرة أيضاً على القضاء على كل من يقف في وجه إيران أو يتحداها أو يفكر في هذا الاتجاه، ولعل هذه هي لب الرسالة التي كان يريد توصيلها خصوصاً وأن الاتفاق النووي مع الدول الكبرى يقترب من رؤية النور، ولعل زبدة القول إن إيران اليوم تمتلك الأسلحة التقليدية وغير التقليدية وأنها تمكنت من ربط الولايات المتحدة ودول أوروبا بمشروعات اقتصادية تمنعها من المغامرة واتخاذ خطوات ضد إيران. فإذا أضيف إلى كل هذا، المناسبة التي قال فيها هذا الكلام فإن الرسالة تبدو واضحة لا لبس فيها، وملخصها أن المفتاح صار في يد إيران وأن إيران وحدها التي تمتلك القوة في المنطقة، وأن من لا يسير بالشكل الذي تريده هي فليتحمل ما يأتيه من الإرهابيين بكل تلاوينهم.
ما قاله الرئيس الإيراني ينبغي ألا يمر سلاماً سلاماً، وعلى المعنيين في دول مجلس التعاون بشكل خاص قراءة ما بين السطور جيداً، والاستفادة منه في الرد عليه لأن ما قاله يستوجب الرد بطريقة أو بأخرى، عدا أنه لا يخلو من اعتراف ضمني بأن إيران هي التي تقف وراء ما يجري من عمليات إرهابية في المنطقة، وفي بعض دول مجلس التعاون، وإلا كيف يمكنها القضاء على الإرهاب من دون مساعدة الدول الأخرى بما فيها الدول الكبرى التي دعا المنطقة إلى عدم الوثوق فيها؟