لأن الحرب وليس سواها من تضبط أو تبعثر الأرقام، كان من الصعب ضبط عملية اللاجئين السوريين عبر العالم، خصوصاً في الآونة الأخيرة، لكن وحسب بعض الإحصائيات الحديثة في هذا الإطار، فإن لاجئي الحرب الأهلية السورية أو اللاجئين السوريين، «وهم من المواطنين السوريين الذين فروا من سوريا مع تصاعد الأزمة السورية بحلول عام 2015، تم تسجيل أكثر من 6 ملايين لاجئ سوري في دول الجوار خصوصاً الأردن ولبنان وتركيا والعراق، وعلى الأرجح يوجد عشرات الآلاف من اللاجئين غير المسجلين، ويقدر عدد من ينتظرون التسجيل بنحو 227 ألف شخص».
أخبار وردود أفعال متباينة حول احتضان اللاجئين السوريين في أوروبا، فالرئيس الفرنسي يطالب تركيا بإبقاء اللاجئين فيها، بينما أكدت إيطاليا جاهزيتها لطالبي اللجوء، وفي بريطانيا عين رئيس الوزراء هناك وزيراً خاصاً لشؤون اللاجئين السوريين، كما أعلنت كندا استعدادها لاستقبال آلاف اللاجئين السوريين، بينما هناك بعض الدول الأوروبية قد منعتهم من دخول أراضيها، وأخرى وقفت محتارة بين استقبالهم أو طردهم، فبعد الفوضى التي وقعت على الحدود الصربية مع كرواتيا وأدت إلى إقفال بعض نقاط الدخول، أصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحذيراً بأن الوقت ينفد أمام أوروبا لإيجاد حل لأزمة اللاجئين الراهنة. واعتبرت المفوضية أن الغياب المستمر لاستجابة متماسكة وموحدة لحالة اللجوء في أوروبا هو السبب الرئيس للفوضى والارتباك على الحدود الصربية مع كرواتيا.
لقد رسمت الجماعات الإرهابية صورة سيئة جداً للإنسان السوري في مخيلة العالم، خصوصاً في أوساط الدول الأوروبية، مما عقد مهمة قبول استقبال اللاجئين السوريين في الكثير من تلكم الدول، وذلك لفرط الحساسية وخوفاً من دخول مجاميع إرهابية متسلسلة أو متغلغلة بين آلاف اللاجئين المتدفقين من المناطق السورية، وربما يكون في هذا بعض الحذر المشروع، فما يقوم به تنظيم الدولة «داعش» من مجازر تفوق الخيال، يحتم على الدول الغربية مراجعة قوانينها الخاصة باستقبال اللاجئين في مناطق الصراع التي تهيمن عليها الجماعات الإرهابية بشتى أصنافها، فجماعة «داعش» وأخواتها لم تترك للدول الغربية الرافضة لاستقبال المهاجرين أية فرصة للتفكير في الجوانب المأساوية التي نشاهدها كل يوم عبر نشرات الأخبار.
ليس من السهل على أوروبا استقبال خليط من اللاجئين السوريين، وذلك بسبب خوفها من وجود عناصر خطيرة من «داعش»، في الوقت ذاته، يصعب على الدول الأوروبية تجاهل الحالات الإنسانية للاجئين السوريين المتدفقين نحوها عبر قوارب الموت، كما إن استقبال هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين دون خلق خطط مستقبلية لمصيرهم في الداخل الأوروبي سيشكل ضغطاً هائلاً على اقتصادياتها المنهارة أصلاً، وعلى استقرارها كدول آمنة ومستقرة.
الدول العربية تحملت جزءاً من هذا الضغط بطبيعة الحال، لكن الكثير منها رفض استقبال اللاجئين السوريين لذات الأسباب، وهذا يرشدنا إلى مدى التعقيد الذي يحمله هذا الملف، لأنه يحتوي على جانبين مهمين للغاية، وهو الجانب الأمني الذي يمثل استقرار الدول من عدمها، والجانب الآخر هو الجانب الاقتصادي الذي يمثل مجموعة من الأعباء الاقتصادية على هذه الدول، خصوصاً إذا ما عرفنا حجم الأزمات الاقتصادية العالمية التي بدأت تعصف بأكبر الدول وأصغرها.
يجب على كل دول العالم أن تتحرك لحلحلة ملف اللاجئين السوريين بشكل إنساني وعاجل، فالوقت ليس في صالح كل الأطراف، فالإنسان السوري ليس لعبة تتقاذفها الأيادي الدولية بقدر ما هو جزء مهم في هذا العالم، كما إن شرط الأمن هو الضمانة الطبيعية التي تطالب بها كل الدول من أجل استقبال اللاجئين السوريين، وهذا لن يكون إلا بقرار أممي لا غير.