كان بحق، قرار جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، حكيماً وواعياً، في تشكيل حكومة مصغرة يعكس رؤية جلالته الثاقبة، باعتبار أن الحكومة هي إحدى الحلول الرئيسة والهامة في ظل استمرار تراجع سعر برميل النفط إلى أقل من 50 دولاراً، وهذا القرار المتمثل في دمج وتقليص الهيئات الحكومية مع الوزارات التي تتشابه معها في ذات المهام، جاء في وقته، في ظل الوضع المالي الذي تمر به المنطقة والذي بلاشك تتأثر به المملكة، الأمر الذي أدى إلى أن يوجه جلالة الملك لهذا القرار الذي يعتبر الأول من نوعه، ولكنه جاء في وقته، وفق ما تتطلبه المرحلة، من ترشيد وضبط في الإنفاق، ونحن على ثقة أن المواطن لن يتأثر من قريب أو من بعيد، وهذا ما تؤكد عليه القيادة الرشيدة دائماً.
القرار الذي أصدره جلالة الملك بتشكيل الحكومة المصغرة هو بمثابة العلاج الذي لابد منه بعد أن استمع جلالته للتقرير الذي قدمه سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة عن تأثر الأوضاع المالية بسبب تدني أسعار النفط والالتزامات الأخرى، وبالتالي فإن الهدف من هذه الحكومة -وسيكون أحد أدوارها- هو كيفية التعامل مع التحديات المالية التي يتوقع أن تصادفها الدولة جراء تراجع سعر النفط الذي للأسف يتم الاعتماد عليه بنسبة أكثر من 90%، وهذا ما يجعل البحرين تفكر بشكل جدي أن تتجه إلى تنويع مصادر الدخل القومي ولا يجب الاعتماد بشكل رئيس على بيع النفط فقط، وهذا يعتبر درساً للدولة بأن تتبنى سياسة مالية مستدامة حتى لا تواجهنا أزمات مالية كالتي نمر بها هذه الأيام. إذاً فالدمج بين عدد من الوزارات والهيئات الحكومية سيسهم في تقليص المصاريف الحكومية، وكما قال وزير شؤون الإعلام عيسى عبدالرحمن الحمادي إن الحكومة قد بدأت بنفسها في العمل على تلافي وتجاوز الأزمة المالية من خلال تقليل المصروفات المتكررة، فالمجتمع بمختلف أطيافه مع هذا القرار الحكيم من لدن جلالة الملك سيوفر مبالغ طائلة على الدولة، كما إنه من الأهمية بمكان أن يتم إصلاح سوق العمل وفق خطة اقتصادية استراتيجية هدفها تنويع مصادر الدخل لمواجهة أي أزمات مستقبلية وسد العجز في الميزانية.
إن الشارع البحريني الذي يؤيد ويقف مع توجيه جلالة الملك بتشكيل الحكومة المصغرة مازال ينتظر التفاصيل بعد المشاورات مع سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ورغم تناقل وسائل التواصل الاجتماعي لإشاعات حول الحكومة المصغرة ووقت تشكيلها، جاء اجتماع جلالة الملك مع رئيس الوزراء وولي العهد ليقطع الطريق كل تلك الإشاعات. وجاءت تأكيدات وزير شؤون الإعلام أن جلسة مجلس الوزراء لم تتناول على أجندتها أية تغييرات في الحكومة الحالية، فالقرار خاضع للمشاورات بين القيادة الرشيدة في اختيار من يرونه مناسباً لتحمل المسؤولية الوطنية في هذه الحكومة التي سيتم تشكيلها وفق المتغيرات والمعطيات والوضع المالي، وبالتالي فإن المسؤولية كبيرة على من سيتم اختيارهم بعد دمج الهيئات الحكومية وفق ما تراه القيادة الرشيدة التي تضع نصب عينها دوماً مصلحة البحرين وشعبها الذي يثق بقيادته في جميع قراراتها.
همسة:
قرار تشكيل حكومة مصغرة يؤكد مدى حكمة ووعي القيادة الرشيدة في المملكة بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أيده الله، ويعكس مدى تقدير هذه القيادة الكريمة الظرف الاستثنائي الذي يواجه اقتصادنا الوطني، في ظل الأوضاع غير العادية التي يشهدها العالم، فكلنا معك يا جلالة الملك في هذا القرار الحكيم لتجاوز الأزمة المالية.