لعقود طويلة تقوم المملكة العربية السعودية قيادة وأجهزة معنية وشعباً بدور كبير في احتضان زوار بيت الله الحرام سواء كمعتمرين أو في مواسم الحج.
قامت السعودية بأدوار كبيرة وبذلت جهوداً جبارة في سبيل احتواء الأعداد المتزايدة من الحجيج، عبر تذليل الصعوبات وتقديم الخدمات والتوسعات المتتالية للحرم المكي.
كل هذه الخطوات تمت بنجاح، وانتهت كثير من مواسم الحج بنجاحات باهرة طوال سنوات عديدة، وإزاء ذلك لم تنتظر السعودية شكراً من البشر أو الحكومات، بل أعلنت أن هذا واجبها كونها الدولة الراعية الصائنة لبيت الله الحرام والشعائر الإسلامية المقدسة، بل أطلق ملوكها على أنفسهم لقب «خادم الحرمين الشريفين».
ورغم كل هذه الجهود والاحترازات فإنه من الاستحالة ألا تحدث حوادث متفرقة ومتباينة في حجم الخسائر.
هذه الحوادث لها أسباب عديدة، أغلبها يعود لأخطاء بشرية، بعضها يرتكب من قبل الحجاج أنفسهم وبعض الحملات خاصة حينما لا يتم الالتزام بالتعليمات والإرشادات التنظيمية، ولكم أن تتخيلوا كيف يكون الإخلال ذا نتائج وخيمة في موقع يضم قرابة مليوني حاج!
رغم ذلك، ورغم العدد، مرت مواسم حج بنجاح ودون ضحايا وأضرار، فلم يذكر ذلك أحد للسعودية ونجاحها في التنظيم، بالأخص تلك الجهات المغرضة التي تحاول اليوم النيل من السعودية واستغلال الحادث الأخير الذي راح ضحيته قرابة 700 حاج، فقط بهدف ضرب السعودية والانتقام منها.
نعم، نقول «انتقام»، لأننا لو رصدنا مصادر الهجمة الساعية للنيل من المملكة وهي العمق الاستراتيجي الخليجي والعربي وأحد أقطاب الأمة الإسلامية الضخمة، لوجدنا أنها صادرة من إيران وأذرعها وأتباعها.
رغم أن من بين الضحايا حجاجاً إيرانيين، إلا أن تصريحات مرشد إيران خامنئي ومسؤولي نظامه ومعهم «عميلهم» في لبنان حسن نصر الله، وكأنه لا يهمهم من توفوا بقدر ما يريدون استغلالهم واستغلال الضحايا الآخرين بهدف النيل من السعودية.
قمة «المهزلة» تلك التي صدرت عن خامنئي وزمرته ودندنت عليها القنوات الإيرانية مثل «العالم» و»المنار»، والتي طالبت بأن يكون تنظيم الحج ليس بيد السعودية صاحبة الأرض التي تقع فيها المقدسات، بل دفعت بقوة ليكون تنظيماً مشتركاً بين الدول الإسلامية، في حين أن الهدف لا يخرج عن كونه مسعى إيرانياً ليكون لهذا النظام المسيء للعرب والمسلمين تواجداً على أرض المملكة العربية السعودية، خاصة حينما قالوا إنهم «يطالبون بالمشاركة في التحقيقات الجارية على أرض السعودية».
من يسجلهم التاريخ في أوسع صفحاته على أنهم أصحاب المشاكل ومفتعلي الحوادث ومخططي العمليات الإرهابية في الحج، وهم الإيرانيون يريدون استغلال الحادثة الأخيرة ليحققوا أحد مطامعهم في دخول السعودية وتكوين أذرع فيها تضاف إلى الأذرع المصنوعة في مناطق في الشرقية.
فشل المخطط الإيراني في البحرين وفي اليمن ومحاولات التغلغل في بعض دول الخليج، كان السبب الرئيس فيه السعودية وقوتها وحزمها. عملية «عاصفة الحزم» وكسر شوكة الحوثيين ومنعهم من ابتلاع اليمن لم يكن سوى قطع لذراع إيراني آثم أريد له أن يحتل جنوب شبه الجزيرة العربية.
التحريات الرسمية الأولى كشفت أن بعض الحجاج الإيرانيين لم يلتزموا بالإرشادات والأنظمة، وأنهم تدافعوا باتجاه حجيج آخرين وهم يصرخون بشعارات. في حين قناة «العالم» الإيرانية وكأنما هي تؤكد الحادثة بأسلوب ساذج مفضوح قالت إن «السعودية تقمع مراسم ما يسمى بـ»البراءة من المشركين» التي يقوم بها الحجاج الإيرانيون، وهي مسألة ابتدعها الخميني لتكون بمثابة إعلان الإيرانيين براءتهم من بقية المشاركين في الحج من المذاهب الأخرى واعتبارهم كفاراً، وإلا فإن حج الإيرانيين غير صحيح!!
إيران هي صاحبة السجل الأسود في الحج، هي من تفتعل الصدامات وتحرك المظاهرات، وأوردت صحيفة «سبق» أمثلة لذلك، مثلما فعلت عام 1987 عبر صدامات دامية رفعوا فيها صورة الخميني وقطعوا الطرق وحاولوا اقتحام المسجد الحرام، بعدها قاطعت إيران الحج من عام 1990 حتى 1998 ما يعني أن هدفهم ليس أداء ركن من أركان الإسلام بل الهدف افتعال المشاكل.
كذلك حادث نفق «المعيصم» عام 1989 حينما قام حجاج كويتيون منتمون لما عرف بـ «حزب الله الحجاز» وبالتنسيق مع جهات إيرانية باستخدامات غازات سامة لقتل آلاف الحجاج، بحسب ما أوردته الصحيفة.
إيران آخر من تتكلم عن السعودية وعن الحج وشعائره وعن سلامة الحجاج. إيران بفتاويها تكفر بقية الحجاج أصلاً، وسعت للخراب وأذيتهم دوماً. بالتالي هدفها اليوم استهداف السعودية ولا شيء آخر، فدول أخرى فقدت مواطنين لها في الحادث لكنها تؤمن بالقضاء والقدر وتدرك تماماً حجم الجهود المبذولة من السعودية، لم تفعل مثلما فعلت إيران.
وعليه فلتخرس إيران، فوالله بتنا نصدق إبليس الرجيم ولا نصدق خامنئيها ولا أياً من أتباعه وأزلامه.
حفظ الله السعودية والخليج العربي وكافة المسلمين الذين لا يؤمنون إلا بالسلام والمحبة ونبذ العنف والعنصرية والطائفية المذهبية التي تعتاش عليها إيران.