من أجل «أجندتها السياسية» إيران مستعدة إلى أن تذهب إلى أبعد مدى وتدفع أي ثمن حتى لو كان الثمن حرباً طائفية بين مسلمين ومسلمين يذهب ضحيتها ملايين، حتى وإن كان الثمن آلاف الحجاج يموتون تدافعاً، طالما أن الهدف هو النيل من مكانة المملكة العربية السعودية وثقلها وحجمها اللذين يؤهلانها لقيادة العالم الإسلامي، فذلك الموقع هو حلمها الطاووسي الذي تدفع من أجله أعلى الأثمان.
ذلك ليس استباقاً لتحقيقات ولا تهمة مجانية نلقيها على إيران جزافاً، إنما نحن نناقش الأمر من حيث منطقيته ومن حيث المبدأ للذين يستبعدون أن تكون إيران من يقف وراء حادثة منى، وليس الظن مبعثه كرهاً أو بغضاً في إيران، إنما مبعثه تاريخ حافل لإيران من الأفعال والممارسات التي ذهب ضحيتها الملايين من البشر دون أن يرف لإيران جفن رغم كونهم مسلمين بل وشيعة من أجل هدف سياسي صرف يجعل مصلحة أمن الدولة الإيرانية رهن بسقوط الدول العربية على الضفة الأخرى من الخليج العربي.
إيران لم تهتم ولم تعبأ بموت ربع مليون سوري وتشريد عشرة ملايين آخرين في العراء، وتحول شعب بأكمله إلى لاجئين يموتون غرقاً وهم يتسولون الأمان حين كان همها وما زال أن تنهار «الدولة» السورية وتتحطم ومن أجل هدفها هذا زجت بأبنائها الايرانيين في هذه الحرب الدائرة على الأراضي السورية واقتطعت من قوت شعبها وأطعمت نظاماً التهم جثث الموتى من شعبه ليتركها أرضاً محروقة، فهل ستعبأ بموت ألف حاج حتى وإن كان من بينهم إيرانيون؟
إيران لم تعبأ بتشريد أهل العراق في بقاع المعمورة وضياع ثلثي أراضيه وانتشار الأمراض والأوبئة في أراضيه حتى تلك التي اختفت كالكوليرا وضياع أمواله وموارده وسرقتها وهي تدعم مرتزقتها وتحميهم من محاكمة الشعب لهم، طالما العراق «الدولة» تدمر وتجزأ فهل ستعبأ بألف حاج وإن كان من بينهم إيرانيون؟
ايران لا يهمها إن عرضت آلاف الشيعة البحرينيين للخطر، وهي تخزن بين منازلهم متفجرات كافية لتفجير عاصمة دولتهم، لا يهمها إن زجت بمئات الشيعة البحرينيين منهم في السجون، وخسروا مستقبلهم وحياتهم تنفيذاً لأجندتها طالما كان الهدف هو سقوط «الدولة» البحرينية فهل ستعبأ بموت ألف حاج وإن كان من بينهم إيرانيون؟
إيران لم يهمها قتال شعب لبنان لبعضهم البعض وضياع وطنهم ومطاردة كل لبناني شيعي في أي أرض يطأها بعد أن أصبح عنواناً للإرهاب، وها هو الوباء يمتد لليمن، فيصبح كل يمني إرهابياً إلى أن يثبت أنه ليس حوثياً، طالما كان الهدف هو إسقاط «الدولة» اللبنانية واليمنية، فهل ستعبأ بموت ألف حاج وإن كان من بينهم إيرانيون؟!!
نحن نتحدث هنا عن جوهرة «الدول» العربية، عن تاجها عن المملكة العربية السعودية، وهي الهدف الذي تسعى إيران له وهو حلم أحلامها الطاووسية ووصية خمينيها.
ضخت المليارات لتشييع البشر في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا الوسطى وضخت المليارات لتجنيد «قطيع» الأغنام العربية التي يقودها حسين أسدي مساعد قائد الحرس الثوري من أجل العمل على إسقاط دولهم، فهل سترتدع عن بضعة آلاف من الحجاج يموتون قربان لحلمها الطاووسي إن كان الثمن هو التأثير على مكانة المملكة العربية السعودية؟
الشواهد أكثر من أن تحصى للمدى الذي تذهب إليه إيران في سبيل تحقيقها لأجندتها طالما الوقود عربياً وطالما الخسائر عربية، فهل نستبعد أن تكون إيران من يقف وراء سقوط مئات الحجاج في منى طالما أن ذلك ممكن للتأثير على مكانة ومركز المملكة العربية السعودية الاسلامي؟