جاهل ومستهتر من يستهين بمشاعر أهل الخليج الوطنية هذه الأيام، جاهل من يعتقد أن بإمكانه وهو في البحرين الإساءة للمملكة العربية السعودية أو العكس فهو يتحدى شعب البحرين وشعب المملكة وأي شعب خليجي آخر إماراتي أو كويتي أو قطري خاصة، وأبناؤهم يقاتلون في جبهة وميدان واحد جنباً إلى جنب في معركة مصيرية واحدة، أي تعبير خاطئ أو أية إساءة أو سلوك أو تصرف يمس هذه الوحدة أو يسيء لأي طرف من أطراف بيتنا الخليجي فإنه لعب بالنار، ولابد أن تتخذ الدولة تجاهه الإجراءات القانونية في أسرع وقت ودون تباطؤ.
ومن الضروري لأي إعلام أمني قياس درجة التفاعل الاجتماعي مع القضايا العامة، فهي مؤشر يساعد على التنبؤ بالسلوكيات الجمعية ويساعد على استباق الأحداث ومنع حدوث الخارج منها عن إطار القانون.
ومن يتابع وسائل التواصل الاجتماعي عن قرب سيدرك حجم التململ الكبير في الشعور العام عند الغالبية العظمى من الشعوب الخليجية، وارتفاع وتيرة التراشق اللفظي بين مستخدميها تجاه من تجرؤوا وخرجوا للعلن يعلنون ولاءهم لغير الدولة الخليجية، سواء للبغدادي أو لخامنئي أو حتى لأردوغان، ومنهم من يصرح عن مواقفه المبغضة لشعوب الخليج بل يرون في»الدول» الخليجية كياناً مزعجاً وعائقاً أمام انصهارهم التام في دولة الخلافة الإسلامية التي يوالونها تحت راية أي من «الخلفاء» الثلاثة «خامنئي أو البغدادي أو العثماني»!
سابقاً كان الخائن شخصاً يتخفى ويخشى الظهور العلني، كانت الحالات فردية وسرية والجميع يخفيها عن العلن بما فيها الشخص نفسه أو عائلته، فالولاء لغير وطنك خيانة لا لبس ولا جدل في تصنيفها أو تفسيرها.
أما اليوم فإعلانات «الخيانة» أصبحت مسلسلاً يومياً نتابعه عبر «الواتس آب» يتبجح بها أصحابها دونما خجل، بعد أن أصبح الوطن عائقاً أمام «الأمة» باعترافات وقحة أصبحت تشحن نفوسنا غضباً، فهذا يخرج يعلن ولاءه للبغدادي، وذاك ينافح عن خامنئي، وهذا يزايد بأردوغان، وكأنه جندي في جيشه، وبوجود وسائل التواصل الإعلامي في متناول الجميع أصبح الإعلان مشهداً يومياً نراه ونحن في بيوتنا ونسمع تبجحه بيننا متحدياً مشاعرنا، وعابثاً في أمننا في ظرف يعد مشدداً، وبين العامة من الناس هناك من لا يستطيع كبح جماح غضبه وهناك من له أجندة يسعى بها لإشاعة الفوضى بإمكانه أن يستغل هذا الانفلات في المشاعر.
من سخر من الشهداء وشمت في موتهم، ومن أساء لخادم الحرمين الشريفين في وقت تخوض فيه البحرين حرباً جنباً إلى جنب مع المملكة العربية السعودية وفي وقت تخوض فيه دول الخليج مجتمعة تحدي الشعب البحريني ومسه في عرضه وشرفه وكرامته، في أوقات كهذه ترتفع درجة الحساسية ويصبح أثر الكلمة كأثر الرصاصة القاتلة.
لا يخفف من حدة الغضب المتنامي ويخفض من وتيرة الانفعال ضد هذه الشريحة بين الشعوب الخليجية إلا القبض عليهم من قبل أجهزة الدولة الأمنية، والمسارعة في نشر خبر القبض وتقديمهم للمحاكمة.
فالدولة التي تتهاون في التعامل القانوني مع هؤلاء أو تتباطأ في تحركها القانوني أو تتهاون فإنها تخطئ في قياس مؤشرات التفاعل وتعطي فرصة كي تخرج الأمور عن السيطرة.
التعامل القانوني مع الذين يتحدون المشاعر العامة بهذه الوقاحة وبهذه الدرجة من التبجح وحده من يحميهم من غضب الجموع الخارج عن السيطرة، ويحمي المجتمع من غضب خارج السيطرة.
فمحاكمتهم وإيقاع العقوبة عليهم ليس جزاء لأفعالهم فقط على جريمة إشهارهم بغضهم وكرههم للدول الخليجية وشعوبها، بل حماية لهم من غضب الشعوب الخليجية، فهؤلاء أصبحوا أعداء لأهل الخليج، صحيح أننا شعوب نخضع للقانون وللمؤسسات لكن انفلات المشاعر بعد تعرضها للجرح بهذا الشكل الوقح أمر لا تحمد عقباه، وهذه فئة لا يجب أن يكون لها وجود على أي أرض خليجية ولا تحمل جنسيتها ولا تنعم بخيراتها، هذه فئة مكانها تحت حذاء من ولاته فلا وجود لجاحد لانتمائه الخليجي ضمن الرادار الخليجي.