«الغش» و«الاحتيال» الذي قام به الاتحاد الرياضي للجمهورية الإيرانية (الإسلامية) حين أشرك 8 لاعبين رجال في فريق نسائي هو سلوك رسمي لجهاز رسمي لدولة.
ولا عجب أن يصل الانحدار الأخلاقي بهذا المستوى لدولة من أجل كأس أو ميدالية ذهبية أن تستبيح أرواح آلاف البشر من حجاج بيت الله من أجل جائزة أكبر، فغشها وكذبها واحتيالها كدولة من أجل ميدالية ذهبية مؤشر إلى أي درجة من درجات الانحدار الأخلاقي الذي يمكن أن تنزل إليه هذه الدولة إذا كانت سمعة المملكة العربية السعودية هي الثمن.
«الجمهورية الإيرانية الإسلامية» بلغت الدرك الأسفل من الانحدار الأخلاقي حين قبلت من أجل مصلحتها السياسية مساندة ومناصرة شخص قتل ربع مليون إنسان 70% منهم نساء وأطفال وشرد 10 ملايين رماهم بالبراميل المتفجرة وبالكيماوي، فتجاوزت إيران بهذا القرار كل الخطوط الحمراء على المستوى الإنساني والأخلاقي والديني.
أما حين استباحت منسكاً دينياً مقدساً وركناً من أركان الدين الذي تدعي انتماءها له كالحج لتوظفه توظيفاً سياسياً فإنها قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء للقيم الدينية.
وحين وظفت كوارث طبيعية رح ضحيتها أرواح بشرية توظيفاً سياسياً فقد انحدرت إلى درك أسفل من الانحطاط الأخلاقي، انعدم عندها أدنى إحساس بالإنسانية وأهدرت نتاج الحضارة البشرية التي رفعت من شأن الإنسان وأعلته فأصبحت للحيوان أقرب، وأعتذر للقارئ الكريم لكنني فعلاً لا أجد وصفاً أقل من هذا، فإلى أي منحدر آخر ستنحدر هذه الدولة في سعيها لتحقيق «مصالحها»؟
مما يطرح سؤالاً عاماً للنقاش إلى أي مستوى ممكن أن تنحدر «السياسة» أخلاقياً؟ وهو سؤال حيرني على المستوى الإنساني، فالسياسيون يظلون بشراً في النهاية وإن كانت السياسة «لعبتهم».
فإذا انتسب اللاعبون السياسيون (دول أو أفراد) لدين كالدين الإسلامي كالحالة الإيرانية، فهل انحدارهم الأخلاقي سينسحب على ما ينتسبون له؟ كيف والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أتى ليتمم مكارم الأخلاق؟
إن أقصى انحدار يرد إلى ذاكرتنا وما سرد التاريخ لنا ومن نماذج عصرناها لتضارب المصلحة السياسية مع أخلاق اللاعبين السياسيين حين أجازت الدول لنفسها فك التحالفات وتغييرها، فانتهكت قيمة إنسانية «كالوفاء» ونحرتها على مذبح المصالح السياسية العليا، حينها بلعنا هذا الواقع المرير وتفهمنا وقلنا المصلحة العامة تقتضي ذلك «لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة بل مصالح دائمة» مبرر مكيافيلي للتخلي عن قيمة «الوفاء» الأخلاقية غطينا به قبح العديد من صور تبدل المواقف البراجماتية التي شهدناها للأفراد والدول وتقبلنا فيها تبدلاً من اليمين إلى اليسار ومررنا لقاءات لشاميين مع مغاربة دون سابق إنذار، «فالمصلحة» أصبحت قيمة بحد ذاتها جعلت من قيمة إنسانية جميلة «كالوفاء» فكرة ساذجة وغبية!
لكن أن يصل المستوى إلى الاستهانة بأرواح مئات الآلاف من البشر في سوريا وفي العراق وفي لبنان وفي اليمن وفي البحرين وفي المملكة العربية السعودية ثم أخيراً في الحج؟ الحج؟ حتى الحج لم يسلم من شرها.. إيران تخطت نيرون وهتلر وكل طغاة العصر في انحدارها الأخلاقي.