في كل دول العالم قد يفكر المواطن بالهجرة إذا ضاق عليه الحال، إلا في إيران، الأمر مختلف، فليس أمام المواطن الإيراني للتخلص من القمع والبطالة والفقر والتشرد، إلا الانتحار أو إدمان المخدرات



عزيزي القارئ الكريم، أنت مدعو اليوم للضحك، فيا سيدي اضحك، قبل الضحك ما يرفع عنه الدعم ويصير بفلوس، وإليك آخر نكتة «قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران مستعدة للمساعدة في نشر الديمقراطية في سوريا واليمن كما فعلت في العراق وأفغانستان»!!
اعترف، للوهلة الأولى وحين استمعت للخبر ظننت أن مذيع «العربية» يمازح المشاهدين بنكتة، فضحكت بصوت عالٍ مع نفسي حتى كدت أستلقي على «قفاي»، والظاهر أن صوت الضحك وصل لمسمع أفراد أسرتي الجالسين بأمان في الخارج، مما جعل زوجتي تهرع مع الأولاد إلى الغرفة لتطمئن على سلامة قواي العقلية.
أعتقد عزيزي القارئ أن مجرد استماعك للتصريح الصادر من روحاني على هامش مشاركته في الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، سيثير عندك الغثيان والأسى في نفس الوقت ويدفعك للتساؤل: هو الحشيش الإيراني وصل إلى أروقة الأمم المتحدة؟!
والسؤال التالي: هل العراق والذي سلم تاريخه العريق وحضارته العظيمة واقتصاده القوي لـ «خراز نعل» يعتبر نموذجاً يحتذي به؟!
هناك إشكالية حقيقية يجب الوقوف عندها، حتى لا تتفاقم وتتحول إلى مصيبة، فالكيان الإيراني المحتل يسعى إلى استهبال العقول بل إلى تفسيخ العقول للهيمنة والسيطرة عليها وتحويل أصحابها إلى أنعام وبهائم، تماماً كما فعل ويفعل مع أتباعه ومؤيديه في البحرين، وبعض دول الخليج، وذلك عبر الكذب.
البعض منا يستهين بظاهرة الكذب لضآلتها وتفاهتها، لكن في مثل الحالة الإيرانية، يجب عدم تجاهلها، فالأكاذيب الصغيرة التي يتم السكوت عليها تكبر رويداً رويداً مع التجاهل، وبعد مدة تتحول إلى مسلمات وحقائق لا تقبل التشكيك فيها، وما أكثر ما يمتلئ به واقعنا المحلي وتاريخنا البحريني من أكاذيب بدأت صغيرة، فتجاهلت وتركت، قبل أن تدور الأيام وتصبح حقيقة يصعب تكذيبها، على سبيل المثال لا الحصر، «مسجد الخميس»!!
لذلك، لزوماً، أن نرد على كذب روحاني، وننعش ذاكرته بالشهيدة الأحوازية السنية – بإذن الله - ريحانة جباري - ذات السادسة والعشرين ربيعاً والتي أعدمت لقتلها مسؤولاً سابقاً في الاستخبارات الإيرانية اعتدى على شرفها.
حين وقفت «ريحانة الجنة» أمام القاضي، سألها: لم قتلتِ ضابط المخابرات؟
قالت: دفاعاً عن شرفي.
فرد القاضي: هذا ليس مبرراً للقتل.
فردت: لأنك فاقد للشرف، فحكم بإعدامها.
يبدو أن العصابة الحاكمة في إيران تسبح في مستنقع الوهم حين تتكلم عن الديمقراطية، يا سادة في إيران، من شروط الترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون من مذهب الاثني عشر، لذلك يحرم قرابة الـ20 مليوناً من المسلمين السنة الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
نموذج آخر من الديمقراطية الإيرانية، التي صدعنا بها الملا روحاني، في الانتخابات الرئاسية، لا ينتخب الشعب الإيراني من في يده السلطة الحقيقية «الولي الفقيه»، وإنما ينتخب موظفاً يعمل عنده يسمى رئيس الجمهورية!!
خذ عندك مثالاً آخر لديمقراطية «ولي الفقيه»، في إيران قد تفاجأ ذات صباح وأنت تسير في شوارع العاصمة طهران، بكتلة بشرية تخرج من «كارتون» بعد أن قضت ليلتها بداخله، فوفق إحصائيات غير رسمية، يعيش في مدينة «رشت» بمحافظة «كيلان» لوحدها 80% من النساء والأطفال في «كراتين»، ذلك فيما يتربع خامنئي على عرش أثرى أثرياء رجال الدين في العالم، بثروة مالية تقدر بـ 95 مليار دولار، حسب مجلة «فوربس». معلومة أخرى قد تجهلها عزيزي القارئ، الديمقراطية في إيران كبرت جداً لدرجة أن الشباب الإيراني بدأ في الهجرة بسبب الملل الذي أصابهم بسبب كبر حجمها، فهل تصدق ذلك؟ إليك الدليل.. في كل دول العالم قد يفكر المواطن بالهجرة إذا ضاق عليه الحال، إلا في إيران، الأمر مختلف، فليس أمام المواطن الإيراني للتخلص من القمع والبطالة والفقر والتشرد، إلا الانتحار أو إدمان المخدرات.
ومن سخريات القدر، أن الرافعات في كل دول العالم تستخدم في التشييد والبناء إلا في «الجمهورية الإسلامية»، فستخدم لإعدام المعارضين!
ومن الغرائب، بل من المضحكات المبكيات، أن ما يسمى بالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، الملقب بولي الفقيه، المنوط بـ «ولاية الأمر وإمامة الأمة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في زمن غيبة الإمام المهدي تكون بيد الفقيه العادل المتقي العالم بأمور زمانه» وفق نص المادة الخامسة من الدستور الإيراني، والذي دأب على توجيه سهام النقد ضد المملكة العربية السعودية بسبب حادثة تدافع منى، لم يزر قط مكة ولم يؤد فريضة الحج، لا هو، ولا من أخلف مكانه «الخميني»، ثم بعد ذلك، يأتي لينظر ويتحدث في الدين!!
نصيحة للملا روحانــي: الديمقراطيــــة ليســـت كقصة القرد بوشامة الذي أرسلتمونـــه في صاروخ إلى القمر ورجع من غير شامة، ولا اتفاق النووي المضروب مع الأمريكان، ولا «جلو كباب» إيراني يتم إعداده في مطعم «علي كابو»، الديمقراطية هي تعددية في الفكر السياسي تسمح للآخرين بالمشاركة في الحكم حتى لو كانوا من أهل السنة، لذلك أنتم آخر ناس يتكلمون عن الديمقراطية.
عموماً كلها اقتراحات تعزز الديمقراطية في إيران.