ما حصل بالأمس فيما يتعلق بالحكومة يوصف بأنه تعديل وزاري محدود، بإعفاء وزيرين ودمج وزارتين وإلغاء واحدة وإعــادة إحياء أخرى، ويصعب وصفه بأنه حكومة مصغرة فهمنا طوال أيام مضت بأنها ستكون أصغر حجماً وأقل في عدد الوزراء.
طوال أسبوع كامل كانت هناك تحليلات وتسريبات وبعض المعلومات الشحيحة التي وصلتنا من قبل مسؤولين تشير إلى أن هناك مساعي بالفعل لتقليص العدد ودمج وزارات بل ودمج هيئات في وزارات، لكنها في النهاية لم تقارب الواقع بشأن ما صدر بالأمس، وكأن فكرة التصغير لم يناسب تفعيلها الآن وبهذه السرعة، بالتالي تم الاكتفاء بتعديلات وتغييرات محدودة، أو أنها – أي الحكومة المصغرة – خطوة ستتم بطريقة متسلسلة وفق دراسة وافية.
هنا سنحلل نظراً لعدم معرفتنا الأسباب الفعلية، بأنه لربما لم تكن استراتيجية التطبيق مكتملة ومحكمة الجوانب، وهذا يعني فرضية الإقدام على تطبيق شيء لا يحقق النتائج، بالتالي الأخذ بمبدأ «في التأني السلامة»، ولهذا فإن التأجيل حتى يكون التخطيط والتنفيذ أمراً «محبوكاً» مسألة إيجابية، باعتبار أن يكون الوضع الحالي تمهيداً لما سيحصل مستقبلاً.
أكرر القول، إننا نحلل ونفترض هنا بناء على المتوافر من معلومات وما يستدل من مؤشرات، خاصة وأن هدفنا الذي نجمع عليه ونتفق بشأنه يركز على وجوب حل المشكلات المالية، وهي مسألة لا يمكن حلها في ليلة وضحاها، كونها أصلاً لم تصبح مشكلة بنفس القدر من الزمن، وعليه أميل لتبني فكرة أننا لم نكن في جهوزية تامة للتنفيذ الفعال، مع التوجس من الإقدام على خطوة يكون تأثيرها سلبياً بدل إيجابيتها المأمولة، خاصة وأن التصغير يعني «تضخماً» في جانب آخر للجهود الملقاة على مسؤولي الدولة، وتذكروا أن بعض الوزراء للأسف يعجزون عن أداء دورهم المطلوب بشكل كامل متقن، فكيف سيكون الحال لو زيد عليهم وزارات أخرى مدموجة وهيئات، ما يعني عمل مضاعف ومسؤولية أكبر؟! هل مستعدون لذلك؟!
هذا مثال فقط أورده للدلالة فقط على أن عمليات الدمج والتصغير مهم أن تكون مدروسة بعناية ومحبوكة تفاصيلها التنفيذية، حتى لا يكون هناك تسديد ومقاربة هنا وهناك، عوضاً عن أداء فاعل مؤثر في كل قطاع. لذلك نقول لربما كان خيراً ما حصل.
في مقابل ذلك، يمكن رصد ردود فعل الناس بسهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ردود عديدة، لكن التباين فيها قد يكون قليلاً، إذ واضح أن التوقعات فاقت الواقع الذي حصل، وأنه كانت هناك رغبة في تغيير الوجوه خاصة في القطاعات التي تكاثرت عليها الانتقادات وتراكمت عليها ملاحظات ديوان الرقابة المالية والإدارية، أيضاً القطاع المعني بالسياسات المالية في ظل المشكلات المالية والدين العام وغيرها من أمور معنية بمعيشة المواطن ومستواه المالي وشؤون رفع الدعم وغيرها، دون نسيان وجود الرغبة المجتمعية في تقليل عدد الهيئات المتشابهة في أعمالها مع الوزارات المختصة، وكل ذلك في إطار السعي لتغيير الرتم الثابت في العمل الحكومي، وتغيير الوجوه وتحسين الأداء، والأهم طبعاً في التعامل مع المشكلات المالية.
بالتالي ليس خطأ أن نطمح في الأفضل للبلد وأهله، وليس عيباً القول إن الحلول الصعبة مطلوبة في ظل الأوضاع الصعبة، لكن الحكمة قد تقتضي أحياناً التريث وضبط الأمور وإحكامها، حتى نضمن النتائج وتحقيق الأهداف.
قراءتي الشخصية تقول إن هناك تغييرات مستقبلية وتصحيح مسارات ستحصل، لكن بعد مزيد من الدراسة والتخطيط ومحاولة استشراف النتائج.