تداولت العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية رواية مغايرة لما هو سائد حول شخصيات عصابة ريا وسكينة. فالرواية الجديدة تدافع عن السيدتين وتطرح مظلومية ما شاع عنهما من قصص إجرامية، قيل إنها سببت الرعب لساكني المنطقة، التي عاشت فيها السيدتان وزوجاهما. وبغض النظر عن صحة الرواية أو افتعالها فإنها تحمل رسالة مفادها أن ثمة مسلمات يدين بها المجتمع وهي في الحقيقة محض اختلاق لا تمت إلى الحقيقة بصلة.الرواية الشائعة حول شخصيتي الأختين ريا وسكينة وزوجيهما حسب الله وعبدالعال الذين عاشوا في منطقة الإسكندرية بمصر تقول إن هذه الأسرة كانت تعاني من الفقر ولم تجد سبيلاً للعيش إلا باستدراج الأختين ريا وسكينة، النساء من السوق، وأزقة المدينة، إلى بيتيهما موهمين النسوة بأنهن يمتلكن بضاعة خاصة في المنزل. ثم يقمن بمساعدة زوجيهما حسب الله وعبدالعال بقتل النسوة وسرقة مصاغهن ودفنهن في قبو أسفل المنزل. وحين اكتشف أمرهم كانت الأدلة عصية على إثبات جرم العصابة والدليل الوحيد الذي أثبت التهمة بريا وسكينة وزوجيهما كان اعتراف الطفلة بديعة ابنة سكينة التي سردت كل الوقائع التي رأتها في المنزل من استدراج للنسوة، وقتلهن وسرقة الحلي، وهي من أرشد الشرطة إلى مكان دفن النساء في قبو المنزل. وبعد تنفيذ حكم الإعدام في العصابة الرباعية تم إيداع الطفلة بديعة في إحدى دور الأيتام التي احترقت بعد أشهر لأسباب غير معلومة وماتت فيها بديعة، وبذلك يكون كل أفراد العائلة قد اختفوا من على وجه الأرض.وبعد انتشار أخبار عصابة خطف النساء تحولت سيرة ريا وسكينة إلى مادة قصصية تناولتها كتب السرد والأعمال الفنية مسرحية ومسلسلاً وأفلاماً. وتحولت شخصيات القصة إلى رمزية للقتل والسرقة.والرواية الجديدة التي يتم تداولها من أحد الكتاب المصريين تفيد بأن عصابة خطف النساء هي في الحقيقة إحدى الخلايا الفدائية التي كانت تقاوم الاحتلال البريطاني. وكانت هذه العصابة تقوم باختطاف الجنود البريطانيين وقتلهم. وبعد كشف قوات الاحتلال البريطاني لأمر ريا وسكينة جرى القبض عليهما وإلصاق تهمة قتل النساء وسرقتهن لهما ولزوجيهما. وصاحب هذه الرواية يؤكد أنها موثقة في ملفات القضاء المصري في ذلك الوقت، وأنه جرى تحريف التهمة كي يتسنى إعدامهما من القضاء المصري نفسه. ويشير صاحب الرواية إلى أنه تم تضليل الطفلة بديعة بإغرائها بالكذب في قصة سرقة النساء وقتلهن لأن ذلك سوف يساعد في إنقاذ أمها وخالتها من الإعدام. وبعد إعدام الخلية تم إيداع الطفلة بديعة في دار للأيتام وحرق الدار، كي يتم محو الدليل الوحيد على براءة ريا وسكينة وحسب الله وعبدالعال. ولا يملك أحد إمكانية تأكيد إحدى الروايتين إلا بالعودة لأرشيف القضاء المصري والتدقيق فيه ودراسته والتحقيق فيه. إلا أن فكرة الروايتين مقبولة على صعيد ما نكتشفه يوماً بعد يوم من أخبار غير صحيحة للوقائع التاريخية الشائعة، بل وللأحداث الحالية التي يجري تداولها باعتبارها مسلمات لا نقاش فيها ولا جدال. وبعد بضع سنين أو حتى بضعة أشهر نكتشف أننا كنا مضللين!!نحن نخدع بسهولة، ولا يحتاج الأمر إلى أكثر من أن يصر مصدر على روايته وتتناقلها وسائل الإعلام لتصبح رواية صحيحة لا تحتاج أدلة ولا تحقيقاً. والأسوأ أنك حين تطلب من محدثك الذي ينهال عليك بالمسلمات، وتطلب منه الدليل، يعبر لك عن صدمته في مناقشتك المسلمات والسائر من الأخبار. وتلك معضلة أصبحت إشكالية في الثقافة العربية المعاصرة.