مسؤولية مكافحة الإرهاب في المقام الأول هي مسؤولية الدولة، لكنها أيضاً مسؤولية «المعارضة»، ومسؤولية كل مواطن وكل فرد من أفراد المجتمع، والسبب هو أن الإرهاب يستهدف الجميع ولا يفرق بين هذا وذاك، فالكل أمامه سواسية كأسنان المشط، وهو لا يتوانى عن ضرب هذا وهو في طريقه إلى ضرب ذاك ولا يمكنه أن يستثني هذا أو ذاك من الضرب حتى لو أراد. هذا يعني أنه صار لدى الحكومة و»المعارضة» عدو مشترك يتطلب التعاون فيما بينهما ليتمكنا من التعامل معه بشكل جيد وإلا تضررا معاً، فالإرهاب لا يميز بين الحكومة وغير الحكومة، ولا بين موالين ومعارضين، ولا بين منتم إلى هذا المذهب أو ذاك، فالجميع بالنسبة له هدف، وضربهم جميعاً يعين على الوصول إلى الغاية التي يأملها الإرهابيون.
هذه الحقيقة ليست غائبة عن «المعارضة»، لكن المثير هو أنها لاتزال تصر على أن مواجهة الإرهاب عمل خاص بالدولة، وأن دورها كمعارضة يتلخص في إصدار البيانات، وتنبيه الحكومة إلى وجود خطر هنا أو هناك، بل إن بعض من يعتبرون منتمين إلى «المعارضة» يعتقدون أن تمكن الإرهاب من أذى الحكومة انتصار معنوي لهم وإن تضرر الوطن!
منطقاً يفترض أن تستغل «المعارضة» وجود عدو مشترك بينها وبين الحكومة – وهو الإرهاب - لتعزز من مكانتها وشأنها، وتقنع الحكومة بأهميتها وأهمية دورها، وهذا لا يكون بالوقوف موقفاً سالباً مما يجري ولكن بالتعاون والتكامل معها ولو بشكل مؤقت، ففي مثل هذه الظروف لا يمكن للحكومة أن تستجيب للكثير من المطالب حتى لو كانت مقتنعة بها، وتريد أن تستجيب لها حيث الأولوية تكون - منطقاً أيضاً - لمواجهة الإرهاب، وفي هذه الظروف تتوقع الحكومة من «المعارضة» أن يكون موقفها إيجابياً وليس سلبياً، فكيف يمكن للحكومة أن تتعامل مستقبلاً مع «المعارضة» وتستجيب لها وقد رأت منها ذلك الموقف السالب أيام المحنة ورأت تخاذلها أمام عدو مشترك؟
«المعارضة» المعنية هنا طبعاً هي الجمعيات السياسية التي تعمل تحت مظلة القانون، وليست تلك التي تعمل مخالفة له، ولا تعترف بها الحكومة، فهذه الفئة تدفعها قلة خبرتها وفهمها للعمل السياسي حتى إلى التعاون مع الإرهابيين، بغية إيذاء الحكومة والتشفي والانتقام، فمستواها العقلي الفقير يجعلها تعتقد أن الإرهاب أمر طيب طالما أنه يمكن أن يؤذي الحكومة!
مهم أيضاً أن تقدر «المعارضة» بكل تلاوينها وأطيافها الدور الذي تقوم به وزارة الداخلية لحماية الجميع وخصوصاً المصلين في مثل هذا اليوم، حيث يتواجد رجال الأمن عند كل مسجد لحماية المصلين، ولتمكنهم من أداء فرض الجمعة، وهم مطمئنون، فلولا هذه الجهود لتمكن الإرهاب من إيذاء الجميع، ولأدخل البلاد في مرحلة صعبة للغاية. ولأن توفير الأمن لا يكون مسؤولية وزارة الداخلية في يوم الجمعة فقط لذلك فإن رجال الأمن يقومون بالمهمة نفسها على مدار الأسبوع وحيثما تتواجد المجاميع، وهو ما سيتبين أكثر وأكثر بعد أقل من أسبوعين من الآن حيث بدأت وزارة الداخلية استعداداتها لمنع حدوث أي اختراق للإرهاب في عاشوراء، حيث الاحتفال بذكرى سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام.
هذا الجهد من قبل وزارة الداخلية هو واجبها، ولكن ينبغي تقديره من الجميع، وخصوصاً «المعارضة» التي لو فعلت لوجد فعلها هذا صدى طيباً لدى الحكومة، ولكانت سبباً في إيجاد نقطة التقاء يمكن الاستفادة منها مستقبلاً، فمواجهة الإرهاب مسؤولية الجميع وعلى الجميع أن يتصدى له بكل قوة، ومن القوة أن يتخذ العقلاء في «المعارضة» قراراً جريئاً بتأجيل ما يمكن تأجيله من ملفات تتضمن مطالب شعبية إلى مرحلة لاحقة، يكون الجميع فيها متفرغاً لمناقشة ما ينبغي مناقشته.