التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة وفرت مثالاً جديداً لدول مجلس التعاون عن أهمية التحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد وأكدت أن هذه المرحلة من التاريخ الخليجي دقيقة وحساسة وأن الحذر فيها واجب وأن التكامل حتمي لا حياد عنه، كما تردد دائماً قيادتنا الرشيدة التي اتخذت منذ البدء موقفاً موجباً من هذا المشروع المهم الذي طرحه الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه. وإذا كان ممكناً تحمل ما يجري في هذه المرحلة بطريقة أو بأخرى فالأكيد أن التحمل سيكون صعباً في مرحلة تالية، وقد يكون مستحيلاً في مرحلة تليها، ويكفي ملاحظة أن مريدي السوء والإرهابيين لا يستهدفون دولة أو اثنتين فقط من دول الخليج العربي ولكنهم يستهدفونها جميعها وإن بدأوا بهذه أو تلك أو استثنوا هذه أو تلك لسبب أو لآخر، فكل دول الخليج العربي مستهدفة والاستثناء مرحلي، وسيتأكد الأبيض أنه أكل يوم أكل الأسود والأحمر.
ترسانة الأسلحة التي تم اكتشافها في الكويت قبل حين لا تستهدف الكويت وحدها، ومخابئ الأسلحة التي يتم اكتشافها بين الحين والحين في البحرين لا تستهدف البحرين وحدها، وعين الإرهاب ليست مسلطة على الإمارات فقط، وليست على السعودية وحدها، فقطر وعمان مشمولتان أيضاً ولن يتأخر الوقت كثيراً حتى يتأكد المعنيون من صحة هذا الكلام.
يوم في إثر آخر، يتم اكتشاف ما يعين على التوصل إلى أن كل دول الخليج العربي مستهدفة، وأن المرحلة قبل الأخيرة لتخريب كل المنجزات الخليجية قد حانت، وأن الوقت لن يطول حتى يرى العالم نسخة مما يحدث في سوريا والعراق وليبيا متوفرة في منطقة الخليج العربي، حينها لن ينفع الندم ولن يفيدنا اتخاذ القرارات المفضية إلى الاتحاد فيما بين دولنا. ما يفيد دول الخليج العربي هو تحولها الآن، وليس غداً، من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد لأن التعاون رغم كل إيجابياته وأهميته إلا أنه لا يصلح لهذه المرحلة على وجه الخصوص فهذه مرحلة الاتحاد ومرحلة البروز إلى العالم ككتلة واحدة تخيف الإرهاب وتروع الإرهابيين وتدفع كل من يريد السوء بهذه المنطقة إلى التفكير مليون مرة قبل اتخاذ أي تحرك يؤذي إحدى دوله.
لا بأس لو تراجعت دول التعاون عن الاتحاد لاحقا وعادت إلى صيغة التعاون التي حققت نجاحات كبيرة وكثيرة، أي بعد أن تمر العاصفة، فالاتحاد تجربة قابلة للفشل مثلما أنها قابلة للنجاح، لكنها نظريا تجربة يؤمل نجاحها لو تمت في هذه المرحلة التي تشهد فيها المنطقة كل هذه التحولات ولا يمكن لدول الخليج العربي مواجهتها والتفاعل معها فرادى أو بتكتلات ضعيفة، أي أن الاتحاد لو تم بين بعض دول التعاون لن يحقق المراد منه لأنه ببساطة لن يشكل الكتلة التي يمكنها أن تواجه المتغيرات الصعبة التي تمر بها المنطقة.
لا يمكن لأي دولة خليجية مهما بلغت قوتها وثرواتها أن تواجه الإرهاب والتخريب ومختلف المتغيرات التي تفرضها المرحلة بمفردها، كما أن تضررها سيؤدي حتما إلى تضرر الدول الخليجية الأخرى لأنها جزء من كل، لهذا فإنه يتعين على كل دولة من دول التعاون أن تعيد النظر في موضوع تأجيل الاتحاد الخليجي لأنه بالفعل قد حان وقت الاتحاد ولا يمكن لدول التعاون أن تواجه كل هذا الذي يجري في المنطقة من دون أن تتحد فالمرحلة تتطلب أن تكون دول التعاون قوية لتتمكن من مواجهة المصاعب والمتغيرات ولتتكيف مع المستجدات.
ربما لا بأس من استمرار علاقة هذه الدولة أو تلك بغيرها من دول المنطقة د أن يأتي منها الضرر، البأس في عدم اتخاذ الاتحاد سبيلاً.