سحب مملكة البحرين سفيرها لدى إيران واعتبار القائم بأعمال سفارة طهران في المنامة شخصاً غير مرغوب به وإلزامه بمغادرة البلاد خلال 72 ساعة خطوتان مهمتان ظلتا متوقعتين، لهذا فإن البعض اعتبرهما متأخرتين، وأنه كان يفترض القيام بهما قبل الآن بكثير، خصوصاً وأن تورط إيران في أعمال عدائية تجاه البحرين لم يتوقف طوال السنوات الخمس الأخيرة على وجه الخصوص، ويتوفر لإثبات هذا الكثير من الأدلة والبراهين، فإيران لم تتوقف أبداً عن التدخل في شؤون البحرين الداخلية «من دون رادع قانوني أو أخلاقي» و»لخلق فتنة طائفية وفرض سيطرتها على المنطقة» كما جاء في بيان وزارة الخارجية الذي نبه أيضاً إلى أن «الوسائل الإيرانية المذمومة لا تتوقف عند حدود التصريحات المسيئة لكبار مسؤوليها بل تتعداه لدعم الإرهاب والتحريض على العنف ودعم الجماعات الإرهابية والمساعدة على تهريب الأسلحة والمتفجرات وتدريب عناصرها وإيواء المجرمين والانتهاكات المتكررة للأعراف الدولية ومبادئ حسن الجوار وتعديها المرفوض على استقلال البحرين وسيادتها»، وهو ما يعني باختصار أن سفارة طهران في المنامة كانت مقراً للتآمر على البحرين وشعب البحرين وكان القائم بأعمال السفارة الوسيط الخفي بين القيادة في إيران والعناصر المغرر بها من «أبناء» البحرين في الداخل خصوصاً وأنه يمتلك بحكم وظيفته الحصانة الدبلوماسية التي تسهل له القيام بهذه المهمة.
ردة الفعل الشعبية على طرد القائم بأعمال السفير الإيراني جاءت تلقائية فتبادل المواطنون التهاني، وعبروا عن رضاهم عن هذه الخطوة بطرق عديدة، ويكفي للتأكد من هذا الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي وقراءة التغريدات التي بينت كل ذلك.
بالتأكيد لدى وزارة الخارجية تقديراتها وإلا فإن سحب السفير من طهران وطرد القائم بأعمال السفارة الإيرانية في المنامة خطوة كان يمكن اتخاذها بسهولة في وقت سابق خصوصاً مع كثرة التجاوزات.
بيان وزارة الخارجية جاء واضحاً ومبيناً لحيثيات القرار الذي أتبع فوراً برفع شكوى رسمية ضد إيران لدى الأمم المتحدة، ولتأكيد رفض البحرين للتدخلات الإيرانية بينما اهتم معالي وزير الخارجية بتأكيد كل ذلك في الكلمة القوية التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة الماضي، أملاً في وضع حد لهذا التدخل السافر من قبل دولة جارة في شؤون دولة مسالمة مستقلة، ولأن هذا التدخل مستمر لذا فإنه صار بالضرورة وقفه ومواجهته بكل قوة، وإلا فإنه سيزداد وسيتحول مع الوقت إلى حق مكتسب.
إيران تخطط لأمور صار يراها الجميع، وإيران تمول من يريدون السوء لهذا الوطن وتعينهم على التنفيذ، وإيران تساعد على تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى البحرين حيث يتوفر ما يثبت هذا الأمر، تماماً مثلما توفر ما يثبت تدخلها في دول خليجية أخرى تمكنت من اكتشاف ترسانة للأسلحة فيها.
لولا العون الذي يحصل عليه البعض من إيران لما تمكن من الإضرار بهذا الوطن طوال السنوات الخمس الماضية، ولولا الدعم والتسهيلات التي يحصل عليها هذا البعض من إيران لما تمكن من إدخال الأسلحة والمتفجرات إلى البحرين، ولولا وجود مخطط شيطاني تمت صياغته في طهران لما تعددت مخابئ الأسلحة التي يتم اكتشافها في البحرين وفي دول خليجية أخرى، ولما أصدر كبار المسؤولين الإيرانيين ما شاؤوا من تصريحات ضد البحرين ومجلس التعاون، تصنف كلها في باب التدخل في الشؤون الداخلية. لولا كل هذا ولولا توفر الكثير من الأدلة والبراهين على تدخل إيران في الشؤون الداخلية للبحرين وتورطها في عمليات يراد منها التسبب في أذى السلطة وإثارة الفوضى وجرح الوطن لما أقدمت وزارة الخارجية على هذه الخطوة التي وإن جاءت متأخرة، إلا أنها مهمة وقادرة على لفت انتباه العالم إلى ما تقوم به هذه الجمهورية «الإسلامية» ضد جيرانها، بناة الحضارة وحاملي مشاعل الخير.