الثقافة هي الإطار الظاهر لأي شخص، والتي تنمو من خلالها الشخصية، وثقافة المجتمع لها تأثير في شخصية أي فرد داخل هذا المجتمع وتتأثر بها، بل كثيراً ما تبلور ثقافة المجتمع اتجاهات الأفراد وقيمهم وطريقة التعبير عن كل ما يدور حولهم ومعلوماتهم، سواء إن كانت معلومات صحيحة أو غير ذلك، لذلك فإن الشخصية غالباً ما تكون مرتبطة بالمحيطين وبالمجتمع الذي تعيش فيه والثقافة السائدة في هذا المجتمع.
فتراكم الثقافة السائدة في المحيط الذي يعيش فيه الفرد، سواء إن كان تراكماً سلبياً أو إيجابياً، والتشبع من هذه الثقافة لمدة طويلة من الزمن، منذ الولادة وبداية الغرس والتنشئة والتأثر والتفاعل مع بعض المعطيات في جوانب عدة، أشبه ما يكون بإعداد جيش جرار يخوض معركة الحق أو معركة الباطل أو معركة خاسرة أو معركة تحقيق النصر، واكتساب القيم والتأثر بالمحيطين واتخاذهم كنماذج في سلوكهم تأتي من عدة جهات، مثل الأسرة والأصدقاء والمؤسسات التعليمية ودور العبادة والمآتم ووسائل الإعلام، وعبر التواصل المتعدد، فهم جميعاً، مصدر لإكساب الفرد منذ الطفولة سلوكيات ومفاهيم قد تكون إيجابية أو سلبية، ويساهم أيضاً في تكوين الشخصية المعتدلة أو الوسطية وأيضاً تكوين الشخصية الإرهابية والمتطرفة، فما دام الفرد محاطاً بجهات عدة إذن فهي عملية مستمرة حتى آخر لحظة من عمر الإنسان.
التنشئة والغرس الثقافي وتكوين الشخصية هي عملية تقوم على التربية والتعليم والتعلم والتفاعل مع المجتمع والمحيطين بقدر تربيته وتعلمه وخبرته والتشكيل السلوكي من المحيطين به في المجتمع، والتأثر بآرائهم ومعتقداتهم وثقافتهم، والأمثلة الحية المحيطة في مجتمعنا كثيرة، أنجال جلالة ملك البلاد المفدى الشيخ ناصر والشيخ خالد -حفظهما الله- يشاركان مع قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضمن القوات المشاركة في عملية «إعادة الأمل» والدفاع عن الشرعية في اليمن الشقيق، هذه هي التنشئة الطيبة التي تتأثر بالمحيطين لعمل الواجب ومشاركة إخوانهم جنود الخليج في أرض المعركة، وهذا هو الواجب الوطني والعربي المقدس، وهذا هو غرس جلالته الطيب لأنجاله وشعبه الوفي، وشتان بين هذه التضحية الجميلة، وبين الجماعات وقادة الرأي الإرهابي، وزعمائهم الذين يثيرون الإرهاب في البلاد، يساومون على أرواح طائفتهم بل يقدمونهم أكباش فداء منذ زمن، منذ محاولات تصدير الثورة الإيرانية للبحرين، بينما أبناؤهم -أبناء قادتهم- معززون وفي رفاهية تامة، يدرسون في أحسن المدارس، وأفضل الجامعات في العالم، يحظون بفرص عمل وحياة اجتماعية رفيعة المستوى، فهذه الثقافة المجتمعية ثقافة هدامة، تهدم الإنسانية والوطنية، وكل ما هو جميل لأجندات خاصة، متأثرة بالثقافة الإرهابية، ودائماً ما تكون في رهان خاسر لطموح الهيمنة في المنطقة العربية.
التنشئة لها دور في حب الوطن، والتعايش مع مكونات المجتمع بجميع أطيافه وشرائحه. والمربون سواء في البيت أو المشرفون على التعليم، وفي المجالس وقادة الرأي لهم دور في هذه التنشئة والغرس. كذب من يقول إن الإرهاب هو دعوة للسلام والإسلام، كذب من ينادي بالسلمية ومنزله مستودع للمتفجرات و»ملفى» للإرهاب، كذب من يقول إنه غيور على البحرين وهو كل يوم يزايد على خيانتها، كذب من يقول إنه يدعو للخير لأن إرهابه هو ثورة على الدين والوطن والقانون والإنسانية. البحريني الأصيل الشريف قد يختلف مع الحكومة في خدمات معيشية معينة، وقد يختلف معها في بعض الأمور، ولكن لا يمكن ومهما كلف الأمر أن يصافح أو يفكر أن يصافح الشيطان، لأنه ورث ثقافة مجتمعه، وتكونت شخصيته، بأن يقدم النفس والنفيس للغالية البحرين.