مع بداية القرن الماضي وحتى حقبة وصول الثوريات المفرقة والمدمرة في العراق وسوريا وليبيا إبان السنوات الخطرة 1968 ـ 1970 كان الخلاف بين «الوحدويون» بمسمياتهم وتطلعاتهم المختلفة، فهناك كحال حزب الكتائب والمفكر شارل مالك من آمن بوحدة أقضية لبنان الكبير، قابلهم من آمن بوحدة الهلال الخصيب كالملك عبدالله بالأردن «اغتيل» وانطون سعادة في لبنان «أعدم» ونوري السعيد بالعراق «قتل وسحل»، ودعاة الوحدة العربية من قوميين عرب صفوا بعضهم البعض بعد أن حكموا اليمن الجنوبي، وبعثيون حقيقيون قتلوا وسجنوا وهجروا واستبدلوا بمنظومات سرية تسمى بالبعث في بغداد ودمشق، وناصريون تم استبدالهم بمنظومة سرية أخرى حكمت طرابلس الغرب، إضافة إلى دعاة الوحدة بين مصر والسودان قبل تفتيته على يد منظومة بيوت الأشباح برئاسة البشير ومثل طلاب وحدة اليمنين الشمالي والجنوبي التي أحالتها المنظومة السرية للرئيس صالح إلى احتلال شمالي سافر للجنوب.
في تلك الحقبة التي امتلأت بالأحلام الوحدوية الوردية بين العرب حكم سوريا وبعدها العراق الملك فيصل القادم من الحجاز «السعودية حالياً» رغم وفرة الساسة المؤهلين في البلدين، وحارب العلويون والدروز وسنّة حلب ودمشق مشاريع إنشاء دويلات خاصة بهم. وكان كبار مستشاري الملك عبدالعزيز آل سعود من مصر وسوريا ولبنان والعراق، كما كان أغلب رؤساء الوزارات العراقية من غير العراقيين بل من كبار ضباط الشريف حسين وأكبر دعاة الوحدة العربية من المسيحيين العرب.
وفي عام 1953 وقبل تحول مملكة مصر والسودان من الملكية إلى النظام الجمهوري عرض عرشها كما بينت بالحقائق والوثائق والصور والشهود على الشيخ الكويتي الجليل عبدالله الجابر، كما تنازل الرئيس السوري شكري القوتلي عن حكم سوريا لصالح الرئيس المصري جمال عبدالناصر وأعلن عن قيام الاتحاد العربي بين العراق والأردن، وأصبح فيصل الثاني ملكاً على البلدين.
كما أصبح في عام 1963 السوريان ميشيل عفلق وصلاح البيطار والأردني منيف الرزاز قادة حزب البعث الحاكم في العراق قبل أن ينقلب عبدالسلام عارف عليه، ولاحقاً أي بعد عام 1968 تكشف الدولة السرية في بغداد عن أنيابها فينتهي الأمر بأسلمة كاذبة لعفلق وسجن الرزاز في بيته ببغداد حتى موته عام 1986، واغتيال البيطار على يد المنظومة السرية الأخرى في دمشق بعد لقاء عاصف له مع الأسد رفض خلاله البيطار أن يستقر في سوريا ليعطي صك الشرعية للجنة العسكرية للحكم تحت مسمى حزب البعث كما أعطى استقرار المغلوب على أمره عفلق في بغداد شرعية مماثلة.
آخر محطة:
1 ـ اكتشف القوميون العرب بمختلف مسمياتهم في وقت متأخر زيف الشعارات الكاذبة المرفوعة من قبل الدعاة الزائفين ممن رفعوا بالعلن شعار وحدة العرب وعملوا في السر على تفرقتهم بالقمع الطائفي والعنصري في الداخل وغزو الجيران والتدخل في شؤونهم بالخارج.
2 ـ والتاريخ يعيد نفسه.. حيث نشهد هذه الأيام منظومات سرية مدمرة تدعو للخلافة ووحدة المسلمين وتعمل في الواقع على فرقة المسلمين وإضعاف الإسلام وتفتيت دوله وتسليمها للأعداء!
* نقلاً عن صحيفة «الأنباء» الكويتية