موسم عاشوراء يقترب، ربما تفصلنا عنه خمسة أيام لا أكثر لنشهد حلول العام الهجري الجديد وشهر محرم، وكما في كل عام ينشغل البعض في هذه الأيام بالإعداد لهذا الموسم وتنشغل الحكومة بتوفير مختلف الخدمات ليتم كل شيء بالكيفية التي تعود عليها أهل البحرين منذ سنين طويلة، وهو ما يبدو واضحاً في نشاط وزارة الداخلية وخصوصاً محافظة العاصمة التي يقع عليها عادة العبء الأكبر في الاستعداد لهذا الموسم. لكن هذا العام يبدو وكأنه مختلف بعض الشيء، والسبب هو حالة القلق التي يعيشها الجميع من الآن بسبب ما مر على المنطقة من عمليات تفجير أودت بحياة مصلين وهم ساجدون، فعاشوراء في البحرين عبارة عن نشاط ديني لا ينحصر في الأماكن المغلقة التي تظل السيطرة عليها ومراقبتها أمنياً ممكنة ولكنه يتم في الأحياء القديمة التي تحتوي طرقات ضيقة، ما يعني أن خطورة تعرض المتواجدين في هذه الأماكن تزداد خصوصاً مع الأخبار التي انتشرت في الفترة الأخيرة عن عمليات تهريب للأسلحة وللمواد الداخلة في صناعة المتفجرات وما صاحبها من تهديدات بعد التفجيرات التي حصلت في الكويت والسعودية مباشرة.
موسم عاشوراء هذا العام مختلف بامتياز عن الأعوام السابقة، فيه ستحرص وزارة الداخلية على عدم اختراق الأمن، لذا فإنها ستبذل جهوداً كبيرة كي يتحقق لها ذلك، وفيه يفترض أن يضع المعنيون بتسيير مواكب العزاء المسألة الأمنية في الاعتبار، فالجهود المبذولة من وزارة الداخلية لضمان أمن وسلامة المشاركين في المواكب الحسينية لابد أن يقابلها اهتمام غير عادي من المعنيين بالموسم كباراً وصغاراً، إداريين ومشاركين، لأن هذه الجهود لا يمكن أن تسفر عن درجة الأمان المطلوبة من دون تعاون الجميع، ليس فقط بالتجاوب الفوري مع تعليمات الجهات الأمنية والالتزام بالنظام ولكن أيضاً بالتبليغ عن كل ما يعتقد أنه يمكن أن يعكر الصفو، والمسؤولية هنا ليست حكراً على هيئة المواكب الحسينية ولكنها مسؤولية كل فرد، مشارك في العزاء أو حاضر كجمهور، فمن دون هذا يصعب أن يمر عاشوراء هذا العام بالطريقة التي مر بها في الأعوام السابقة لأنه باختصار عاشوراء هذا العام غير.
هذا العام نواجه تهديدات حقيقية، والحذر واجب، ومن دون التعاون غير المحدود مع الجهات المعنية بالأمن وبتنظيم مواكب العزاء لا يمكن أن تتوفر لدى الجميع حالة الاطمئنان المطلوبة، وقد لا تسير الأمور كما نشتهي. البحرين ليست ناقصة مشاكل ولهذا فإن المسؤولية الوطنية تحتم على الجميع منع حدوث مشاكل جديدة، لذا فإن على الجميع أن يبذل أقصى ما يمكنه من جهد ليمر موسم عاشوراء هذا العام على خير.
لكن خطباء المنبر الحسيني عليهم مسؤولية أكبر، ليس فقط بتوجيه مستمعيهم وحاضري مجالسهم إلى الحرص على عدم التسبب فيما قد يؤدي إلى مشكلات وأعمال فوضى، ولكن أيضاً بحثهم على التعاون مع المعنيين بالأمن وبيان أن التنظيم هو لمصلحتهم وفي صالح المناسبة التي ينبغي أن يكون المشاركون فيها المثال والنموذج، فالعزاء ليس باللطم على الصدور ولا بالبكاء فقط.
مهم أيضاً أن يستغل هؤلاء الخطباء المنبر الحسيني في الحث على توحيد الكلمة وحب الوطن ومنع التمادي في اتخاذ المواقف السلبية، وليس أسهل من أن يتصدقوا بالكلمة الطيبة حيث الكلمة الطيبة صدقة، وحيث الحث على الالتزام بالنظام واحترامه كلمة طيبة جزاؤها جزاء الصدقة.
أما أولئك الذين صاروا يشغلون أنفسهم بالسياسة ويشتغلون بها ليلاً ونهاراً فإن عليهم مراجعة أنفسهم ومراعاة الناس في هذا الموسم خصوصاً وأنهم يعلمون جيداً أن عاشوراء هذا العام يأتي والبلاد والمنطقة برمتها تعيش ظروفاً مختلفة وغير طبيعية.