دعاهم الوطن الغالي فما بخلوا
وأبخل الناس من يُدعى ولم يُجب
ليوث غاب إذا ما ضويقوا وثبوا
وأي ليث لدفع الضيق لم يثب
لهم نفوس إذا حركتها اضطرمت
عند السكون اضطرام الماء في اللهب
إنهم رجال قوة دفاع البحرين، حماة الوطن، الذي رفعوا بسواعدهم علم البحرين عالياً شامخاً في سماء اليمن، بيضوا الوجوه ورفعوا الرقاب، وذلك حين لبوا نداء الفداء من أجل أمة الإسلام لتظل أسوارها عالية لا يقدر عليها عدو، وهكذا هي الملحمة التي رسمها جنودنا الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم، فهنيئاً لمن نال منهم الشهادة، وبارك الله في من عاد منهم إلى وطنه سالماً غانماً.
هكذا هم الرجال الأخيار، الذي صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهذا هو «البر» بالقسم الذي يقدره صفوة رجال الوطن، وذلك حين يقسم بالله أن يكون مخلصاً لله ثم لوطنه، إنهم صفوة أبناء الإسلام الذين خص الله بهم البحرين ودول الخليج الذين شاركوا في نصرة إخوانهم في اليمن، وذلك عندما غار عليهم «الحوثي» اللئيم المسلط من إيران لاغتصاب أرض العروبة، ولكن ولله الحمد قد حال بينه وبين تحقيق آماله «عاصفة الحزم» التي أبلى فيها جنود التحالف العربي بلاء ليس حسناً فقط، بل هو بلاء كبلاء جيوش الإسلام الأولى في فتوحاتها، إنه جهاد دفع الشر بالخير، وكما قال شيخ الإسلام رحمه الله في الجواب الصحيح «فيدفع بالمؤمنين الكفار، ويدفع شر الطائفتين بخيرهما، كما دفع المجوس بالروم النصارى، ثم دفع النصارى بالمؤمنين أمة محمد».
وها هم جنود البحرين البواسل يعودون اليوم مكللين بالنصر، من بعد حربهم ضد الشر والفساد الذي كاد أن يخطف اليمن، عادوا وقد ملئت قلوبهم بالرضا بعد أن أدوا واجبهم الديني والوطني، وكذلك هم أهاليهم الذين استقبلوهم بكل الفرح بعودتهم سالمين، أهاليهم الذين لم يضرهم ذهاب أبنائهم إلى ساحة حرب قد لا يعودون منها، ولكن يبقى الشعب البحريني الشعب الأصيل الذي يلتف حول قيادته في الشدائد.
أنها مملكة البحرين التي يقطر تاريخها مجداً وعزة، البحرين التي لم تترك يوماً واجبها في الدفاع عن أمتها، ولا بد هنا أن نذكر بعض مشاركات البحرين مع إخوانها العرب ومنها حرب أكتوبر 1973، التي وقفت فيها البحرين قيادة وشعباً مع القيادة المصرية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، حيث أعلنت حكومة البحرين على لسان رئيس وزرائها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان في القرار الذي قال فيه «تعلن حكومة دولة البحرين أنها بالنظر للموقف الذي تقفه الولايات المتحدة الأمريكية من الأمة العربية، وفي غمرة نضالها العادل والمشروع ضد العدو الصهيوني، وانسجاماً مع كل ما يتطلبه الواجب القومي حيال الأمة، فقد قررنا وقف تصدير البترول للولايات المتحدة الأمريكية»، كما ألحق القرار بآخر، نص على «إلغاء جميع الاتفاقيات الموقعة بينها وبين أمريكا، لمنح تسهيلات لبواخرها في ميناء سلمان».
ولا بد أيضاً أن نذكر مشاركة قوة دفاع البحرين في تحرير الكويت من الغزو العراقي، حيث ساهمت بمجموعة قتال برية سميت «قوة الواجب عيسى»، وكان قوامها 238 ضابطاً وفرداً، كما شارك سلاح الجو الملكي البحريني بسرب من الطائرات الحربية والعمودية، كما تم تسخير جميع إمكانيات الدولة من أجل دعم المجهود الحربي ومساندة التحالف لتحرير دولة الكويت.
بالطبع فخر واعتزاز أن تشارك البحرين في دحر العدوان الغاشم على اليمن، هذا العدوان الذي لن يتوقف أبداً ما دام رأس الأفعى إيران تدفع بأذنابها للاستيلاء على الحكم، ولكن الله سبحانه وتعالى دفع الله شرهم ودق عظامهم في البحرين، كما يدقها اليوم في اليمن، وستدق بإذن الله عظامهم في كل شبر من دول الخليج، وما أدراكم قد تكون هذه البداية لزوال الحكم الطاغوتي في إيران، فحكم الطواغيت وإن مر على بقائه عقود من الزمن إلا أن مصيره إلى زوال، وها هو زوال حكم فرعون في مصر عبرة، وزوال قوم عاد وثمود عبرة لكل دولة تطغى وتتكبر.
فعوداً غانماً يا جنود الوطن الأبطال، وهنيئاً للبحرين بصفوة أبنائها، إنهم الأفضل والأحسن بين الناس، وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عندما سأل أي الناس أفضل؟ قال: «مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله»، إنه الجهاد الشرعي الذي فرضه الله على المؤمنين بالجهاد تحت راية ولاة أمورهم، فبارك الله في جنود قوة دفاع البحرين، وحفظ الله ولاة أمورنا، وأخذ بيدهم إلى مرضاته.