في البداية أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لجميع جنودنا البواسل الذين أدوا مهامهم العسكرية على أكمل وجه، كما أتقدم بالشكل الجزيل لجميع رجال الأمن المرابطين في كل مكان، من أجل نشر الأمن في المملكة.
تضحيات كبيرة يقدمها هؤلاء، قد نجهلها نحن المدنيون، الذين ننعم بنتائج ما يقوم به هؤلاء البواسل، في سبيل حفظ أمن مملكة البحرين في الداخل والخارج، حيث يتعرض هؤلاء إلى الكثير من المواقف المؤلمة التي من الصعب أن تمحى من ذاكرتهم، فهم يشاهدون مناظر من شأنها أن تترك عظيم الأثر في نفوسهم، مثل التعرض للهجمات، أو التعرض للإصابات، أو فقدان زملائهم بسبب عملية تخريبية، كانت تستهدف رجال الأمن، أو كما حدث مؤخراً في الحرب، في موت شهداء الواجب.
كل هذه المواقف من شأنها أن تترك بصمة في نفسية هؤلاء العاملين في السلك الدفاعي والأمني.
فهل يتم تعرض رجال الأمن أو رجال الدفاع إلى تقييم نفسي من أجل تهيئتهم لتجاوز هذه المواقف التي يتعرضون لها؟
من الطبيعي أن يتأثر أي فرد منا إذا ما تعرض لأي موقف مؤلم، ويختلف التأثر من شخص إلى آخر، ومها اختلف حجم التأثير، إلا أننا يجب أن نعترف أن تعرضنا لهذا الموقف سيؤثر علينا بشكل أو بآخر. فهل يرجع رجل الأمن الذي شاهد أشلاء زميله تتطاير أمام عينيه بسبب عمل تخريبي إلى بيته، وهو في نفسية عادية مثلما أرجع أنا من عملي مثلاً؟ بالطبع لا، وهل يواصل حياته بصورة طبيعية بعد هذا المنظر؟! بالطبع لا. وهل يرجع الجندي الذي حمل شهيد الواجب على يده ولقنه الشهادة وسالت دماؤه على يده ليواصل حياته وعمله بشكل عادي؟! بالطبع لا.
إن التقييم النفسي ضرورة ملحة للجميع دون استثناء، ولكن هناك بعض الوظائف والمهن لها اعتبارات خاصة، يجب الاهتمام بها كالعاملين في السلك العسكري والأمني بمختلف وظائفهم، وقد أشارت معظم الدراسات إلى أهمية المتابعة النفسية لمنتسبي العمل الأمني والعسكري .
وما زالت كلمات إحدى الموظفات في إحدى دور الإصلاح والتأهيل ترن في أذني، فقد قالت لي بالحرف الواحد «إني أتعرض لتدمير نفسي من المشاهدات اليومية للقضايا الواردة إلينا، لدرجة أني بدأت أشك بكل من حولي».
قالت جملتها وأنهتها بضحكة لا تفسير لها! وتركتني مع ألف سؤال يدور في مخيلتي! هل هناك تقييم نفسي لهؤلاء الموظفين الذين يسخرون حياتهم من أجل أن ننعم بالأمن والأمان؟ وهل يدرب هؤلاء على آليات التخلص من الضغوط النفسية التي يتعرضون لها خلال عملهم؟ وهل توجد رعاية نفسية تقدم لمختلف الوظائف الأمنية والعسكرية؟
بالطبع، لا أعني من كلامي مطلقاً أن درجة الضغوط النفسية التي يتعرض لها هؤلاء تدخلهم في نطاق «المرضى النفسيين»، وكما ذكرت إنه تقييم نفسي يهدف إلى وقاية هؤلاء من نتائج الضغوط النفسية التي يتعرضون لها بسبب كثرة وصعوبة مهامهم الوظيفية، مثل الوسائل التي تتبعها عدد من الدول الأوروبية وأمريكا للوقاية من أي اختلالات قد تصيب نفسية العاملين في هذا المجال أثناء ممارستهم لمهنتهم.
وأكرر شكري وتقديري لجميع العاملين في المجال العسكري والأمني، والذين يتحملون العديد من المهام الجسام، في سبيل خدمة البلد، ونشر الأمن والأمان.