قبل أن ندخل إلى صلب المقال، هل تسمح لي عزيزي القارئ أن نتناقش بهدوء، فوسط الضجيج وعلو الصوت، يجبرني حبر القلم الذي تقاسمته معك لسنين طويلة، وشكل علاقة إنسانية جميلة بمفرداته، أقرب إلى الأخوة منها إلى الصداقة، أن أنصحك صادقاً مخلصاً بأن تكون دؤوباً على تذكير نفسك، آناء الليل وأطراف النهار، بأن حرية التعبير بكل تجالياتها «جزء لا يتجزأ» من أبجديات حقوق الإنسان.
باختصار، حرية التعبير منظومة آليات متصلة ببعضها، تسعى للنهوض بالمجتمع، وتوسيع مداركه لتمكينه من توسيع الآفاق والفهم وزيادة الوعي، وهي في الجوهر والعمق ترتكز على مبدأين عامين، احترام التنوع الفكري، واحترام وجهات النظر المتعددة، لهذا فالمجتمعات الناجحة تبنى ديمقراطيتها على أسس وأعمدة وأصول تحترم الرأي الآخر، بعبارة أخرى، هناك آراء قد تكون من وجهة نظرك غير صائبة، لكن يتعين عليك احترامها، لأنها تنطلق من حقها في التعبير، يقابلها حقك في الرد عليها ودحضها وبيان عوارها من دون مساس شخصي بصاحب هذا الرأي، حتى لا تخرج عن نطاق حرية الرأي والتعبير، وتدخل في خانة السب والقذف التي تُجرّمها القوانين كافة، لأنها تمس بشكل مباشر كرامة الإنسان.
وسلِّموا لي على «حرية العبير»..
ما علينا، ولندخل في زمن «العشش».. كل مشكلة لها مخرج ولكل مخرج باب، ولكن فينا من يترك المشكلة لتتعاظم وتتحول الى مصيبة، على سبيل المثال، «العشش» الموجودة على سواحل محافظة المحرق، تحديداً على ساحل البسيتين، وتحتل واجهة بحرية بإطلالة خلابة نحو أجمل معالم العاصمة المنامة، يستغلها «البعض» في أعمال مشبوهة ليلاً ومنافية للأخلاق، «بطالية» على «قولة» محافظ المحرق سلمان بن هندي المناعي، من بينها الترويج للمخدرات، ومعاقرة الخمر، وممارسة الرذيلة، بل والأدهى والأدل، تهريب السلاح عن طريق البحر، ورغم أن اصوات الأهالي والمحافظ «بحت» من كثرة الشكوى والأنين، إلا أنه «ولكن لا حياة لمن تنادي، وناراً لو نفخت بها أضاءت، ولكن أنت تنفخ في رماد».
لا أطعن أو أشكك في قدرات وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني عصام خلف، بل ثقتي عمياء في هذا الرجل، وأعلم حجم الأمانة الملقاة على عاتقه، ومقدار الأعباء والمسؤوليات التي يتحملها، لكن المشكلة ليست في الوزير بقدر ما هي في مجلس بلدي المحرق، فالوزير سبق أن أرسل لمجلس البلدي طالباً منهم إزالة العشش ولكن «عمك أصمخ». بالأمس خرج علينا رئيس المجلس البلدي محمد آل سنان بتصريح غريب جداً وفريد من نوعه، يقول فيه: «سيتم تشكيل لجنة تضع اشتراطات لوجود العشة، وإذا حدث فيها ما يخل بالآداب فإنه يجب إزالتها، فموقفنا واضح وثابت، لا نمنع إزالة العشة إذا كان بها مخالفة». يا للعجب! لا أدري، هل الاستيلاء على أراض عامة من قبل «البعض» لإقامة «عشش»، لا يعد مخالفة قانونية في عرف مجلس بلدي المحرق؟! وهل حرمان أهالي المحرق من المتنفس والساحل الوحيد المتبقي لهم، لصالح أصحاب تلك «العشش» قانوني؟!
هل يقبل رئيس المجلس البلدي أن تنصب تلك «العشش» أمام بيته؟ هل يسمحون أعضاء المجلس المحترمون بمثل هذه التجاوزات الأخلاقية والتصرفات الإجرامية التي تتنافي مع الأعراف وطبيعة أهالي المحرق السمحة والطيبة والغيورة إلى أبعد حد عن العادات والتقاليد؟
أين ذلك المبرر والمسوغ القانوني والأخلاقي الذي يسمح لقلة أن تحتل ساحلاً وتحرم أهالي مدينة بأكملها وتحولها إلى «مواخير»؟
يا ناس يا هووه، يا عالم، يا نواب يا شعب، هل هذا الأمر يرضي الله، أفيدونا يا مجلس بلدي المحرق، أفادنا وأفادكم الله. الأمر بات يشكل ظاهرة خطيرة، وأصحاب تلك العشش يهددون علناً وبالفم المليان: «العشش» باقية ودونها والحرب، وهي نتيجة حتمية ومتوقعة، فعندما تترك المشاكل الصغيرة دون حل جذري آني وسريع، تتفاقم وتكبر وتتحول إلى مصيبة، وبالتالي تكلفة الحل تتضاعف، بل تتلاشى كل الحلول التي كانت بين يديك.
طيب والحل؟
أشكرك على السؤال، الحل أن يعلم الجميع أن المشاكل الصغيرة هي من تعرقل مشاريع استثمارية ضخمة وتعطل عجلة التنمية، وعار على دولة القانون أن يخرج عليها من يهددها بالحرب في حال تم تطبيق القانون ولا يكون ردها عاصفاً وحازماً.