أليس الأولى بالنواب أن يبدؤوا بأنفسهم قبل الهجوم على الدولة؟ أليس هم ممثلي الشعب الذين قبلوا سيارات فارهة؟ أليس هم من يستلمون علاوات كان بإمكانهم التنازل عنها، ومنها علاوة التمثيل التي تساوي راتباً شهرياً لخريجين جامعيين، أليس هذا مثالاً لإهدار المال العام؟ أو أن إهدار المال العام «حلال بلال» عليهم وعلى الشوريين الذين طالب بعض النواب إسقاط علاوة التمثيل عنهم، ثم سكتوا عن الموضوع ولا ندري ما هي الأسباب؟ أو قد يكون السبب هو العتب أو محاباة زملائهم الشركاء معهم في الميزات والخيرات؟! ثم أليس الراتب التقاعدي الذي استمات عليه النواب هو الآخر يعد استنزافاً لميزانية الدولة؟ أو أنهم يرفعون عن أنفسهم القلم وتصبح كل مطالبهم محقة؟
ثم ما هي قضية مقاطع التسجيل التي يوزعها النواب عند مداخلاتهم في مهاجمتهم للدولة؟ في الوقت الذي لا نرى فيه تسجيلاً عن مهاجمتهم لأي مسؤول مباشرة من أولئك الذين ذكر تقرير ديوان الرقابة عن تجاوزاتهم المالية والإدارية في مؤسساتهم! أليس هناك شركات تهدر مئات الملايين من الدنانير سنوياً؟ أليس هناك تجاوزات قانونية تجر مسؤولين فيها إلى المحاكم؟ فماذا فعلوا في تقرير ديوان الرقابة المالية الحالي؟ أو أن مداخلة التقرير تتطلب جهداً وعملاً إضافيين يتعين على النائب البحث والتقصي وليس لدى النائب وقت لهما؟! بينما الهجوم على الدولة هو أسهل المداخلات حين يعيد ويكرر ما سبق تكراره من النواب السابقين، وذلك حين يكون الهدف منه تبرئة ذمة النائب أمام جماهيره.
ثم نأتي إلى مهاجمة الدولة بأسلوب أشبه بالدعوة إلى الفتنة، هذا الأسلوب الذي منه نقيس أن مستوى بعض النواب في التعاطي مع المسائل لا يختلف عن تعاطي بعض «القروبات» أو الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك مما يبين أن هذا النائب يريد ألا يخرج عن محتويات هذه المواقع، وذلك كي لا يتعرض إلى النقد أو الهجوم اللاذع الذي يتحاشاه بعضهم بنشر المداخلة لتتداول بين المواطنين، وهذا خطأ ومخالفة شرعية كبيرة ليس في حق ولاة الأمور وإنما في حق البحرين بأكملها، وفي حق المجتمع، حيث إنه قد يفتح من هذا الهجوم باب للفتنة، وذلك كما كان يفعل نواب الوفاق سابقاً ووافقهم بعض نواب الجمعيات الأخرى عندما شكلوا لجنة التحقيق في ممتلكات الدولة، إذ ظهرت نية الوفاق، بأنها كانت تبحث عن أراض للمطالبة بإقامة مشاريع إسكانية حصرية على طائفة، أو الحصول على قسائم لهم، وقد حصل بعضهم على قسائم في أفضل مناطق البحرين.
هناك فرق في التعاطي مع محاسبة مسؤولين بعينهم ذكرت مؤسساتهم في تقارير ديوان الرقابة والمالية، ونائب يهاجم الدولة، لأن هذا الهجوم ليس من اختصاصه، إذ إنه لو كان النائب لديه علم ببعض مسائل الفقه في الشريعة لامتنع عن هذا الأسلوب الغوغائي في تعرضه للدولة، والأحاديث النبوية ذكرت وفصلت عواقب المناصحة العلنية، فكيف بالهجوم والتحريض، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية، وليأخذ بيده، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه» صححه الألباني، وكما قال أئمة الدعوة: «ما يقع من ولاة الأمور من المخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس»، كما قال العلامة السعدي رحمه الله: «على من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقام»، كما قال الشيخ بن باز «لما فتحوا الشر في زمن عثمان رضي الله عنه وأنكروا عليه جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لايزال الناس في آثاره إلى اليوم حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية وقتل عثمان وعلي بأسباب ذلك وقتل جم كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علناً حتى أبغض الناس ولي أمرهم وحتى قتلوه».
وعلى سعادة النواب الكرام إن أرادوا الحفاظ على المال العام وثروات البلاد فليبدؤوا بأنفسهم، وإن أرادوا القضاء على الفساد فلديهم تقرير ديوان الرقابة المالية، الذي لم نر حتى اليوم أي مؤسسة تم سؤالها واستجوابها في مخالفاتها بطريقة علمية مستندة على الأدلة، بعيدة عن الانتقام والتشفي وتحقيق مصالح خاصة، وذلك كما يحدث في بعض الاستجوابات لمسؤولين بالذات للضغط عليهم وتمرير طلباتهم، أما تحريض المواطنين على الدولة فإنه لا يخدم إلا إيران والأمم المتحدة وعملاءهم من أذناب إيران، الذين يجتمعون اليوم من أجل اغتصاب الحكم واستبداله بدولة (.....)، لتكون بداية تنفيذ خريطة الشرق الأوسط الجديد الذي يبدأ بـدولة (.....) اسمها «البحرين الكبرى».