عندما ينتشر خبر يتضمن اتهاماً للحكومة بأنها قامت أو ستقوم بأمر معين ولم يعلق أي مسؤول على الخبر أو ينفيه في التو والحال ينبري على الفور من يقول للفضائيات السوسة إن الحكومة لم تكلف نفسها حتى نفي الخبر، وهذا يعني أنه صحيح ومؤكد. وعندما يقوم مسؤول بالحكومة بالتعليق على الخبر ونفيه ينبري على الفور أيضاًَ من يقول لتلك الفضائيات إن النفي يعني تأكيداً!
هذا مثال يوضح الحالة الصعبة التي تعيشها هذه «المعارضة» التي تفتقر للخبرات اللازمة للتعامل مع الأحداث السياسية وتطوراتها، ذلك أن أي خبر إما أن تقوم الجهة المعنية بتأكيده أو بنفيه أو بتبريره أو بالتعليق عليه بدبلوماسية وحذر أو تسكت عنه عندما تقدر أن السكوت أبلغ.
الاعتقاد أن عدم التعليق الفوري على أي خبر تأكيد على أنه صحيح، والاعتقاد أن نفي الخبر تأكيد له، يعني أن «المعارضة» لا يهمها من الأساس أن تسمع تأكيداً أو نفياً للخبر وأنها تؤمن في قرارة نفسها أن ما قررته هي عن حالة الخبر هو الصحيح وبالتالي فإن تأكيده أو نفيه لا يضيف شيئاً! وهذا مثال آخر على الحالة الصعبة التي تعيشها.
لا يهمها أن يكون الخبر فارغاً وغير منطقي أو يبدو واضحاً أنه لا أساس له من الصحة، ما يهمها هو أن تركض به لتلك الفضائيات لتقول انظروا ماذا تقول الحكومة وانظروا ماذا تفعل. وتستعين في ذلك بما شاء لها من كلمات لا تليق لكنها تطرب تلك الفضائيات السوسة.
فضائية «فوكس نيوز» فهمت تصريحاً لوزير الخارجية عن «القبة الحديدية» بشكل خاطئ وتم التواصل معها من قبل وزارة الخارجية لتصحيح الخطأ الذي وقعت فيه. هذا التصريح رقصت عليه «المعارضة» التي تنتظر مثل هذه الأخبار والفهم الخاطئ لها وطارت به لتكيل ما شاءت من اتهامات للحكومة، ولأن المنطق لا يعني لها شيئاً لذا اعتبرته مؤكداً رغم أنه من غير المعقول أن تبادر البحرين بشراء أي شيء من إسرائيل فكيف إذا كان هذا الشيء منظومة دفاعية صاروخية؟
نفي وزير الإعلام للخبر وتفنيده له اعتبرته «المعارضة» تأكيداً، ترى كيف يكون الحال لو أن الوزير لم ينفِ الخبر أو أن الحكومة فضلت عدم التعليق عليه وانتظرت أن تقوم الفضائية التي فهمته بشكل خاطئ لتصحيح خطئها؟
هذا الأسلوب الذي تعتمده هذه «المعارضة» لا يفيدها بل على العكس يضعفها لأنه يقدمها للعالم على أنها قليلة خبرة و»ما عندها سالفة»، خصوصاً إن حاولت الرقص على خبر لا يتماشى مع المنطق والواقع، أي أن الخبر نفسه ينفي نفسه. في حالة هذا الخبر غير المنطقي لا يمكن لأحد في العالم أن يصدق أن دولة مثل البحرين ملتزمة بالقرارات العربية والدولية تتعامل مع الكيان الصهيوني غير المعترف به هكذا بكل بساطة ومن دون أي اعتبار لأي شيء. كان الأجدى بـ «المعارضة» أن تتريث وتسأل وتتأكد بل وتعبر عن دهشتها للفهم الخاطئ الذي وقعت فيه تلك الفضائية، بل يفترض ألا يكون غريباً أن تقوم هي بنفسها بالرد على تلك الفضائية لا أن تركض بالخبر لتهاجم به بلادها لأن الحكومة لن تتأخر عن تصحيح الارتباك الذي وقعت فيه الفضائية.
الأمثلة على عدم قدرة «المعارضة» بكل مستوياتها على مسايرة الأحداث وتطوراتها والتعامل مع الأطراف الأخرى ذات العلاقة وخصوصاً الحكومة كثيرة، ليس على من يرغب في تبين هذا الأمر إلا أن ينشر أي إشاعة مهما كانت بعيدة عن المنطق ليرى كيف أنها ستركض بها وتعتبرها فرصة لانتقاد الحكومة ومهاجمتها، من دون أن تنتبه إلى أن هذا السلوك يجعل من يتابعها أو يحترمها ينظر إليها باستخفاف.