صحيفة «الاقتصادية» السعودية أجرت حواراً مع مجموعة من العلماء والمشايخ من الطائفتين الكريمتين بالمملكة العربية السعودية للتعليق على الاعتداء الذي جرى أخيراً على رواد الحسينية الحيدرية بسيهات بالمنطقة الشرقية لمعرفة وجهات نظرهم في ما حدث فأكدوا على مجموعة أمور مهمة، منها أن الاعتداء محاولة لإذكاء الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد وهو تكرار للمحاولات البائسة التي تقف وراءها دول ومنظمات إرهابية، وأن اللحمة الوطنية وتكاتف أبناء الوطن هما حائط الصد الأول في وجه التطرف ودحره. ومنها أن تنظيم الدولة «داعش» الذي تبنى الاعتداء الغادر وتفاخر به واعتبره انتصاراً «صنيعة استخباراتية عالمية لا تمت لبلادنا ولا ديننا بأي صلة» وأن «الفكر الداعشي نوع من اتباع الهوى ومحاولة تمكين الأزمة ونشرها» .
كما اتفقوا على أن ما حدث يندى له الجبين وأنه ينبغي استئصال هذه الغدة السرطانية التي تهدم وتخرب باسم الدين، وأن هذا يتطلب من جميع أطياف المجتمع السعودي اليقظة والحذر وعدم التهاون في حمل المسؤولية، وأن يكون الجميع يداً بيد في التعاون، على اعتبار أن الإرهاب لا يفرق باستهدافه فئة عن فئة ولكنه يستهدف الجميع.
العلماء والمشايخ اهتموا أيضاً بالتأكيد على أن هذا العمل الإجرامي لا يخدم سوى أعداء الأمة، وأن مثل هذه الأفعال الإرهابية وتكرارها تكرس النزاعات والصراعات، وتفقدنا الأمن والاستقرار، الذي يؤدي في النهاية إلى شل حركة البلاد ونهضتها. وشددوا على أن الاستنكار لا يكفي بل يجب العمل معاً «للوقوف ضد هذا التطرف المقيت الذي لا يرحم نفساً ولا يقيم وزناً لمعايير الإنسانية».
من النقاط التي لفتوا إليها أيضاً أن التوجهات الإرهابية لا تقف عند حد وتستهدف الجميع بما في ذلك الحكومات ورجال الأمن، وأنه لهذا يجب اتخاذ الإجراءات الصارمة والحازمة ضد هذه التوجهات والمخاطر التي تهدد أمن البلاد وتكيد له، وكذلك محاربة الخطاب الديني المتطرف بأشكاله وأساليبه، ومعاقبة كل من يحرض أو يبرر أو يتستر على هذا الفكر الضال، وأنه في هذا الصدد «يجب مراقبة وتحصين الشباب بالثقافة السليمة من المنظور الإسلامي الصحيح الذي يحترم الرأي والرأي الآخر، ويلتزم بالمعايير الإنسانية والقيم السمحة ويحارب التعصب والتقليد الأعمى للأفكار والتوجهات الضالة التي هي أساس الفتن والدمار». وخلصوا أيضاً إلى أنه «لا يمكن أن يحظى الشعب بالأمن والاستقرار إلا في ظل وطن موحد وتعايش مبني على الاحترام وروح المواطنة ونشر ثقافة التسامح والمحبة وإشاعة ثقافة الحوار، كي ننقذ أنفسنا ونتجاوز الفتن التي تستهدف وحدتنا»، ورأوا أن وعي المواطن الغيور على دينه وأمن وطنه هو الحصن الحصين أمام هذه الفئة الضالة وهو الذي يقطع مزايدة من يريد توظيف الأحداث لأجندته الخاصة.
كل ما قاله أولئك العلماء والمشايخ صحيح ودقيق، ولا يختلف معهم عليه أحد في دول مجلس التعاون بل في كل دول العالم، فتحليلهم صحيح وتصورهم للخروج من هذه الحالة الغريبة على هذه المنطقة صحيح أيضاً. في هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى كلمة مهمة قالها هنا الشيخ ناصر بن الشيخ أحمد العصفور في إحدى خطب الجمعة ملخصها أن «لا أحد يستطيع أن يغير في التاريخ وفي ما حدث من مشكلات واختلافات في الأزمنة التي سبقتنا وليس لأحد منا يد في ما حدث وبالتالي فإن المخرج المنطقي من هذا الذي صرنا فيه هو التعايش، حيث التعايش يعني قبولي للآخر كما هو، وقبول الآخر لي كما أنا، وحيث من دون التعايش نصير لقمة سائغة لكل من أراد بنا وبأوطاننا السوء». وهو كلام جميل لا غبار عليه ولا يحتاج إلا إلى العمل على جعله ثقافة مجتمعية، تماماً كما يؤكد المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك المفدى.