قرار مشاركة نجلي جلالة الملك في عاصفة الحزم ليس قراراً عسكرياً هاماً فحسب ومن كان في اليمن يعرف أن المشاركة لم تكن شكلية أبداً، لكنه قرار يحمل أبعاداً أخرى، ويعد جلالة الملك هو القائد الخليجي الوحيد الذي أرسل أنجاله للجبهة اليمنية، لكن البحرين -كعادتها- تتعاطى مع أخبارها باستحياء ولا تجيد تسويق إنجازاتها.
وللبحرين عموماً كدولة مواقف عسكرية عديدة تنفرد بها وتتميز بها تتسم «بالمرجلة» إن صح التعبير، مواقف لا تتخذها دول أخرى أكبر حجماً، وأكثر قوة ومنعة، وتصلح لأن تكون مادة تسويقية للدولة لا للأشخاص أو للحكم فقط، فالبحرين على سبيل المثال شاركت في قوات دولية عديدة لحفظ السلام في أفغانستان، وفي البوسنة، وفي الكويت، ولا ننسى دور البحرين في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإرهابي «داعش» ودورها الأخير في إعادة الشرعية في اليمن وفي غيرها من مواقع الصراعات ومع ذلك ظلت سياسة الدولة تجاه الإعلان عن إنجازاتها العسكرية بعيدة عن الضوء، هل يعرف أحد قصص وحكايات بطولية لقواتنا هناك؟ هل يعرف أحد حجم الخبرة التي اكتسبتها قواتنا هناك؟ تلك قصص تحكى للأبناء وتسجل للتاريخ.
هذه المشاركات تحتاج لأن توظف محلياً داخل البحرين ودولياً خارج البحرين توظيفاً يخدم أغراضاً عديدة دونما الإخلال بالضرورات الأمنية.
لكن البحرين –كعادتها- لا تعرف كيف توظف هذه الميزة والانفراد، وتفضل العمل بهدوء وبعيداً عن الضجيج الإعلامي، وتتبنى سياسية هي أقرب إلى LOW PROFILE لا يمكن أن تتناسب مع المتغيرات التي تجري في عالمنا اليوم.
وقد يكون ذلك القرار سليماً من الناحية العسكرية ولكننا اليوم أمام وضع مختلف تتسابق فيه الدول لاستعراض إنجازاتها لتسويق نفسها دولياً، بل إن هناك دولاً تضخم وتزيد من إنجازات بسيطة وتمنحها الضجة الإعلامية المدروسة لتجعل من اسم هذه الدولة يذكر على كل لسان، وتجد لها مكانة تخدمها في علاقاتها الدولية.
إن تسويق الدولة لاسمها أصبح ضرورة لا يقتصر على التسويق السياحي أو التسويق الاستثماري وحتى هذا التسويق أصبح مرتبطاً بالتسويق السياسي ولا ينفصل عنه، وكلنا نتذكر كيف اكتشفنا كم كان العالم بل أقرب المقربين يجهل حجم التطورات السياسية في البحرين في أحداث 2011، وكيف ساهم هذا الجهل بتكوين وجهة نظرة غير حقيقية عن البحرين وظفه من خان وطنه بالتعتيم، وبإنكار كل إنجاز وكل مكتسب سياسي يتمتع به، هو شخصياً ومعه شعب البحرين.
نستطيع دون أن نؤثر على وضع قواتنا العسكرية أمنياً أن نوظف دور البحرين الخليجي ودورنا الدولي في حفظ الأمن والسلام والشرعية توظفياً إعلامياً يخدم اسم البحرين دولياً هذا من جهة، ويبين مكانة البحرين ودورها ومساهماتها في عمليات حفظ السلام، كما ونستطيع أن نوظفه في البحرين لرفع الهمة وشحذها وتنمية الروح الوطنية والانتماء وتحفيز الشباب للاعتزاز بهويتهم الوطنية.
لقواتنا العسكرية إنجازات مشرفة على مستوى متقدم تفخر به أي دولة فلم يحرم أبناؤنا من الاعتزاز بها ومعرفتها ولم نحرم قواتنا من عرضها على أبنائهم ولم نحرم البحرين من تسجيلها ليحفظها التاريخ لنا؟