القول إن رجال الأمن «يعتدون على مظاهر عاشوراء» ادعاء يطرب الفضائيات السوسة والمنظمات «الحقوقية» الدولية المشحونة ضد الحكومة بفعل فاعل، ويفرح كل من يأخذ بما تأتي به «المعارضة» من دون تدقيق، لكنه في حقيقة الأمر بعيد عن الصحة ولا يلام من يصفه بالمبالغة، فالواقع مختلف تماماً.
تلك الفضائيات والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي امتلأت على مدى الأيام الماضية بأخبار ملخصها أن رجال الأمن يعتدون على المظاهر العاشورائية في العديد من القرى بينما الحقيقة هي أنه لا يوجد أي اعتداء وإنما تصحيح لأخطاء مارسها البعض تتناقض مع حرمة موسم عاشوراء. هنا مثال، تم تعليق يافطات في أماكن مختلفة مكتوب عليها عبارات من قبيل «تعزي القوى الثورية..... وتؤكد ضرورة إحياء الموسم بشكل مفعم بالصمود وتجديد العهد للثورة على الظالمين». وهو خلط واضح بين أمرين، ومحاولة لاستغلال موسم عاشوراء لخدمة أغراض سياسية لا علاقة لها بعاشوراء بالمرة، فإذا أضيف إلى تلك العبارات أن اليافطات حملت شعارات وأختام «ائتلاف شباب فبراير»، وحركات أخرى، كلها تعمل خارج القانون وتقف وراء أعمال الفوضى والتخريب في البلاد يتبين سبب إزالة تلك المظاهر.
هنا مثال آخر، يتم التعميم على مجموعة من الصغار، ليسيروا في الطرقات وهم يرفعون الرايات الحسينية، وشعارات لا علاقة لها بعاشوراء، بهدف صياغة خبر ملخصه أن «المتظاهرين رفعوا الرايات الحسينية وسط شعارات أكدوا فيها استمرارية حراكهم الثوري»، وهو تناقض صريح وخلط واستغلال لأيام الاحتفال بذكرى عاشوراء لخدمة أغراض سياسية بحتة.
المثال الثالث الذي يوضح الصورة بشكل أكبر هو الخبر الذي سعوا إلى نشره بكل طاقتهم عن إزالة «خيمة عاشورائية» من إحدى المناطق. طبعاً من يسمع بمثل هذا الخبر يتخذ في التو والحال موقفاً سلبياً من الحكومة ومن وزارة الداخلية ورجال الأمن، لكن التدقيق في الأمر يؤدي إلى تغيير هذا الموقف في التو والحال أيضاً.
لو كانت الخيمة مخصصة لأمور عاشوراء ومرخصة لما اقترب منها أحد من رجال الأمن، لكن احتواءها على أمور لا علاقة لها بالمناسبة يعني أنها مخالفة للقانون وللنظام. هذه الخيمة احتوت، حسب الخبر الذي قام ما يسمى بـ»ائتلاف فبراير» بنشره، على «أركان ثورية متعددة، منها: ركن الاستفتاء الشعبي، ركن ميثاق اللؤلؤ، ركن الرموز والعلماء الأسرى، ركن القدس لنا، ركن اليمن مقبرة الغزاة، ركن جرحى الثورة، ركن قواسم البحرين، وغيرها من الأركان الثورية المنوعة»، ما يؤكد أن خلطاً متعمداً قد تم الهدف منه استغلال موسم عاشوراء لخدمة أمور سياسية، وهو ما لا يمكن أن تقبل به أي حكومة في العالم وأولها حكومة البلدان التي يعتبرها البعض نموذجاً ومثالاً.
ترى هل تقبل حكومة العراق مثلاً أن يقوم عراقيون بنصب خيمة في كربلاء أو النجف لتستغل موسم عاشوراء في الترويج لأفكارها المناوئة للحكومة؟ وهل تقبل حكومة إيران أن يقوم أحوازيون بنصب خيمة في طهران أو قم ويستغلون موسم عاشوراء للترويج لأفكار مناوئة لحكومة الملالي؟
الجواب الأكيد هو أن الحكومتين لن تكتفيا بإرسال رجال الأمن لإزالة تلك الخيم وإنما ستحرصان على اعتقال كل من له علاقة بنصبها، والجمهور الحاضر، حتى لو كان لا يعرف ما يجري، وليس بعيداً أن يتم حرمانهم من حقهم في الحياة بعد ساعات.
استغلال موسم عاشوراء لتحقيق أهداف سياسية خطأ كبير تقع فيه «المعارضة»، وإن تسبب في حالة من الارتياح لدى بعض أعضائها والمهووسين بها، المتضرر الأكبر منه هم أولئك الذين ينتظرون هذا الموسم للتعبير عن حبهم للحسين عليه السلام ولآل البيت الكرام.