أن تكون صاحب موهبة وفناناً في التقاط الصور الفوتوغرافية فلاشك في أنك تعتبر محظوظاً، فموهبة التصوير موهبة لا يقل شأنها عن باقي المواهب، كالصوت الجميل، والرقص التعبيري، والرسم التجريدي، أو التشكيلي. بل على العكس يعتبر التصوير في زمن باتت فيه الصورة الجامدة أو المتحركة الحجر الأساس لأي شيء يمكن أن نواجهه في حياتنا اليوم، سواء كان على المستوى الفردي أو الجماعي، الجدي أو الهزلي، أو بسبب المعيشة أو فقط هواية نحاول تنفيذها.
وما زاد ثقلاً وزناً وقيمة للصورة، مثل ما الكل يعلم هو انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي نستخدمها نحن العرب لنشر أدق تفاصيل حياتنا اليومية بحلوها، ومرها، وسذاجتها، وعفويتها، لنقول بعدها: «لا يمكن أن أصدق أن الناس تعرف كل أخباري بهذا الشكل! وسيرتي على كل لسان»، باعتبار أن ما ينشر هو لشخص آخر لا يمت لصاحب الصور بأي صلة!
بل وأصبح القيام بأشياء لم تكن محط اهتمام البعض من قبل، على سبيل المثال لا الحصر، كحضور الندوات الثقافية، والاجتماعية، والسياسية والتي حقيقة كان يجد البعض بدل العذر ألفاً للتهرب من حضورها لأنه لا يفقه منها شيئاً ولا يعنيه الموضوع، ولا ينسجم مع ميوله الشخصية، أصبح الآن من أول الوافدين لها، وذلك كي يتمكن من التقاط بعض الصور مع بعض الشخصيات البارزة، ويملأ حسابه بتلك الصور الخاصة، بحيث تحول هدفه هو تجميع أكبر عدد من المتابعين، والحصول على الكثير من المعجبين والمعلقين الإيجابيين، ومع كل الزخم والترويج والتسويق المثار حول «الصورة» هل فكرنا يوماً بمصطلح «ثقافة الصورة»؟
منذ فترة شدت انتباهي مقابلة إذاعية على محطة «مونتي كارلو» الدولية مع أحد المصورين الذين يشهد لهم بتاريخ عريق في عالم الكاميرا والصورة وهو المصور اللبناني «طوني الحاج».
خلال المقابلة كان يتكلم عن كل صورة التقطها، أشخاصها، تاريخها، سببها، والمواقف الحزينة أو السعيدة التي تحيط بها، وكيف كان لها الأثر المباشر في إثراء جعبته الفكرية، والثقافية، والاجتماعية، وأن التصوير كان هواية وتحول إلى احتراف مارسه من خلال دراسته في فرنسا. كلام هذا المصور المحترف في مهنته، الراقي في اختيار الزوايا التي تعزز الموقف وتجعل منه قصة مروية، جعلني أمام سؤال: متى سيرتقي شبابنا قبل إقدامهم على تصوير ما لا يجب أن يصور ويحترمون خصوصيات الغير قبل أن يروجوا لأمور غير صحيحة لمجرد العبث والتضليل والتخريب، وأن يفهموا أن شخصيتهم تترجم من خلال عدساتهم؟!!