هل يمر العاشر من محرم على خير؟ هذا السؤال يشاغب جميع أهل البحرين، شعباً وحكومة، ويشاغب كل غيور على هذا الوطن ومحب له، بل يشاغب المسؤولين في المنطقة من دون استثناء، فما مر بالمنطقة في الشهور الأخيرة، وما مر ولايزال يمر بالبحرين، والخلط غير المبرر بين السياسة وشعائر عاشوراء التي مارسها البعض وحاول جاهداً الاستفادة من هذا الموسم لخدمة أغراضه السياسية الضيقة، كل هذه الأمور توفر الفرصة لذلك السؤال كيف يشاغب الجميع ويضعهم في حالة قلق مؤذية، ولن يرتاح بال الجميع إلا بعد أن تنتهي فعاليات هذا اليوم من دون أن يحدث ما يعكر الصفو، وتنتهي كذلك الفعاليات التي تتم في الأيام الثلاثة التالية ليوم العاشر.
لم يكن أحد يطرح هذا السؤال في السنوات السابقة وإن شاغب البعض المعني بالتنظيم والأمن على اعتبار أن أي فعالية يحضرها جمهور كبير يظل الخطأ الذي قد يتضرر منه البعض القليل أو الكثير من المشاركين فيه أو الحاضرين وارداً. وبالتأكيد فإن الأكثر قلقاً وتعرضاً لمشاغبة ذلك السؤال هم رجال الأمن الذين رغم كل الجهود التي يبذلونها لحفظ الأمن والنظام يظلون مسؤولين عن أي تجاوز أمني يحدث وإن كان محدوداً أو بسيطاً.
الكثير من اللوم يوجه دونما شك إلى ذلك البعض الذي أعد الخطط لتوظيف موسم عاشوراء لخدمة أغراضه السياسية وسعى إلى نشر معلومات خاطئة عن ممارسات رجال الأمن الهادفة إلى بسط القانون الذي ينادي به ويرفعه شعاراً، والكثير من اللوم يوجه إلى كل من له دالة على ذلك البعض وآثر أن يبقى صامتاً ولم يحرك ساكناً وخصوصاً الجمعيات السياسية التي يفترض ألا تترك الساحة نهباً لذلك البعض الذي تحركه عواطفه ويعيش مراهقة فكرية ويعاني من نقص في الخبرة والتجربة ويعتبر دخيلاً على العمل السياسي.
ما قامت به الدولة للظفر بموسم عاشورائي سليم وآمن كثير وتستحق عليه الشكر الكثير أيضاً، فقد سخرت كل إمكاناتها لخدمة هذه المناسبة والمشاركين فيها ولم تتأخر عن توفير كل ما يضمن ذلك، وما قام به المسؤولون عن المآتم لتحقيق الهدف نفسه كثير أيضاً ويستحقون عليه الشكر والتقدير، لهذا فإن حدوث أي عارض يؤدي إلى تضرر أحد في هذه الأيام وخصوصاً هذا اليوم العاشر من محرم لا يلام فيه غير ذلك البعض ومن يدعمه ويؤازره في الخارج والداخل، ولا يلام فيه غير الجمعيات السياسية التي آثرت الصمت وتركت الساحة لذلك البعض لـ»يخيط ويبيط» فيها كما يشتهي.
لكن القصة يجب ألا تنتهي بنهاية هذا اليوم والأيام القليلة التالية له ولا بانتهاء شهري محرم وصفر اللذين يحظيان بالنصيب الأوفر من المناسبات الدينية، فنجاح هذا الموسم لا يعني أن المواسم التالية له ستكون آمنة، وتنتهي على خير، لأن المسببات ستظل كما هي بل قد تزداد ، لذا لابد من تدارس الأمر بين مختلف الأطراف ذات العلاقة والتوصل إلى صيغة تعين على التخفيف من مشاغبة ذلك السؤال والتخفيف من القلق الذي صار يسيطر على الجميع في مثل هذه المناسبات.
الدور الذي قامت وتقوم به دائرة الأوقاف الجعفرية في موسم عاشوراء هذا العام يشجع على إعطائها هامشاً أكبر للتحرك في السنوات المقبلة، وهو دور تنسيقي وإشرافي يزيد الأمر تنظيماً ويحمي المناسبة من كل دخيل ويوفر قناة اتصال أفضل مع مختلف الجهات المعنية في الحكومة. هو مكسب ينبغي ألا ينظر إليه بحساسية فالأوقاف الجعفرية لا تستطيع أن تغير ما لم يتغير في مئات السنين.
مأجور ومثاب إن شاء الله كل من ساهم ولو بهدوئه في مرور هذا اليوم على خير.