مرت ثمان سنوات من عمر الخطة الاقتصادية للبحرين 2030، هذه الخطة التي كان من المفترض أن تغير من الخارطة الاقتصادية لمملكة البحرين، والتي كان هدفها هو الانتقال من اقتصاد قائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالمياً، ترسم الحكومة معالمه، ويتولى القطاع الخاص الرائد عجلة تنميته بشكل يوسع الطبقة الوسطى من المواطنين البحرينيين.
حيث كان أحد أهم أهداف الخطة الاقتصادية 2030 هو توسيع الطبقة الوسطى، والطبقة الوسطى هي مجموعة من الناس بين الطبقتين العليا والدنيا في المجتمع. وبدأ استخدام مصطلح الطبقة الوسطى على المستوى العام في أوروبا في أوائل القرن التاسع عشر، وكان يشير إلى البرجوازية أو طبقة المهنيين التي نشأت فيما بين الأرستقراطيين والفلاحين.
ويستخدم علماء الاجتماع مصطلح التدرج الطبقي لوصف عملية تقسيم المجتمع إلى طبقات، وتقوم هذه العملية على عوامل عدة، هي: مهنة الشخص، والدخل، والقوة، والسمعة، والثروة. وتكسب غالبية أعضاء الطبقة الوسطى رزقها من العمل، ولا ترث ثروات طائلة، كما إن معظم مهن الطبقة الوسطى لا تشمل أعمالاً يدوية. وتضم هذه المهن أصحاب الأعمال والمديرين والكتبة والمحامين والأطباء والمعلمين.
وتساهم الطبقة الوسطى في ثبات المجتمعات، ولهذا نرى الدول الكبرى مثل أمريكا والصين والهند تتباهى بنسبة الطبقة الوسطى في مجتمعاتها، والتي تكفل ازدهار المجتمع وتقدمه وتوازنه وثباته. حيث بلغت نسب الطبقة الوسطى في تلك المجتمعات 45% في الولايات المتحدة و55 % في كل من الهند والصين.
ولكن ما هو الوضع بالنسبة للطبقة الوسطى في مملكة البحرين؟ وكم هي نسبتها؟
فقد أشارت دراسة علمية لأحد الباحثين الخليجيين في علم الاقتصاد إلى أن نسبة الطبقة الوسطى في البحرين تبلغ 21 %، كما حذر الباحث من خطورة تدني هذه النسبة على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مرجعاً الأسباب وراء هذه النسبة إلى صغر حجم القطاع العام، والحجم السكاني، والجهود التي تبذلها الدولة في تقديم العون للطبقة المتوسطة، وقلة مصادر الدخل بالنسبة لهذه الطبقة، وفي تقرير آخر أصدره اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي حذر من أن تتحول طبقات غنية ومتوسطة بين يوم وضحاه إلى طبقات فقيرة، نظراً للتراجع الحاد في أسعار الموجودات التي تقتنيها دول الخليج، وأوضح التقرير أن ما يجري في دول الخليج هو بروز هوة واسعة بين الطبقات الاجتماعية، نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار، وعدم قدرة الاقتصاد المحلي على إيجاد فرص عمل مناسبة، بالإضافة إلى جمود حجم الرواتب، وتدني مستوياتها، وهشاشة الأسس الاقتصادية والمالية التي تقوم عليها عملية خروج ودخول أفراد من وإلى الطبقة الوسطى.
وهناك عدد كبير من الأسباب لست بصدد ذكرها الآن لكي لا أثير حفيظة أي جهة من الجهات. فالهدف من وراء هذا الطرح هو إعادة إحياء الخطة الاقتصادية 2030، وإعادة تبني أهدافها النبيلة، والاهتمام بالطبقة الوسطى التي هي أساس استقرار المجتمعات.
فمن هي الطبقة المتوسطة في مملكة البحرين؟ هي تلك الفئة التي لم تطل السماء ولا الأرض، هي تلك الفئة التي لا تستحق علاوة غلاء المعيشة على الرغم من أن الغلاء يشمل الجميع! هي تلك الفئة التي لا تنطبق عليها شروط الإسكان، ولا تستطيع أن تأخذ قرضاً تجارياً لشراء سكن ملائم! هي تلك الطبقة التي تستدين لكي ينعم أبناؤها بتعليم ملائم خاص! هي تلك الطبقة التي تحصل على راتب أكثر من 100 دولار يومياً (أي ما يقارب ألف دينار بحريني شهرياً)، هي هذه الطبقة الهلامية، الحائرة، التي تظهر الأرقام والمستندات بأنها من الطبقة الوسطى، ولكنها في حقيقة الأمر ليست كذلك!
وللحديث بقية، سأروي لكم الأسبوع القادم قصة مواطن يكون في بداية الشهر من الطبقة الوسطى، ويصبح بعد 3 أيام من استلام الراتب من الطبقة الدنيا!!