الاستراتيجية الروسية في سوريا ميدانياً تقوم على قصف مواقع للمعارضة بهدف تعزيز مواقع قوات حليفها بشار الأسد وضمن توجهات مصالحها ورؤيتها المخالفة للتوجهات الأمريكية والغربية بالمنطقة



تلفت الزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد الثلاثاء الماضي إلى العاصمة الروسية موسكو، والتي لم يعلن عنها إلا بعد يوم واحد من إتمامها، إلى ارتهان دمشق بين حدي موسكو وطهران، خاصة أنها أول زيارة يقوم بها الأسد إلى الخارج منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011.
هذا الارتهان يظهر في توقيت الزيارة التي جاءت بعد إعلان إيران عن زيادة عدد جنودها في سوريا، وهو أمر يدعو إلى التوقف كثيراً أمام هذا التحالف الروسي الإيراني السوري، الذي يسعى إلى منهجة الصراع في منطقة الشرق الأوسط وفق مصالح لا ناقة للشعب السوري فيها ولا جمل.
الزيارة التي حسبها الائتلاف السوري المعارض بأنها «دعاية سياسية روسية»، عززت من قبضة موسكو وسيطرتها على الملف السوري، وأوضحت جلياً أن الطريق إلى دمشق يمر عبر موسكو أولاً ثم طهران ثانياً.
وكذلك عززت هذه الزيارة الموقف الروسي من الدعم الكامل لبقاء الأسد، وأنه لا مكان لأي حل مستقبلي من دون الأسد، على الرغم من تصريحات رئيس الحكومة الروسية ديمتري مدفيديف التي قال فيها «نحن بالطبع، لا نقاتل لصالح قادة محددين، وإنما ندافع عن مصالحنا القومية، وإن مسألة الرئاسة السورية أمر يقرره الشعب السوري»، ربما يكون في ذلك جزء من الصحة إذا أخذنا في الاعتبار أن روسيا يهمها في هذا الصراع بالمنطقة أن تلعب لصالح ورقها واستراتيجيتها الساعية إلى تعزيز مكانتها التي فقدتها منذ أكثر من 20 عاماً وخروجها الكسير من أفغانستان.
كل الخطوات التي تتخذها موسكو تصب في صالح الأسد، وتدعم توجهات استراتيجيتها في المنطقة، وكلما وجدت أن هناك اتجاهاً من بعض الدول الكبرى يمكن أن يشكل حجر عثرة أمامها ترفضه أو تماطل فيه، فروسيا اليوم تقف مترددة من مشروع قرار تستعد فرنسا وبريطانيا وإسبانيا لتقديمه أمام مجلس الأمن يدين القصف بالبراميل المتفجرة في سوريا، ومن قبل رفضت إقامة منطقة حظر جوي في سوريا بناء على اقتراح تركيا، ورفضت استبعاد إيران من جهود حل الأزمة في سوريا.
الاستراتيجية الروسية في سوريا ميدانياً تقوم على شن غارات على مواقع للمعارضة بهدف تعزيز مواقع قوات حليفها بشار الأسد، وضمن توجهات مصالحها ورؤيتها المخالفة للتوجهات الأمريكية والغربية بالمنطقة.
موسكو لن تحيد عن مشروعها في منطقة الشرق الأوسط الساعي لتعزيز نفوذها، فهي من أجل ذلك ستعمل وفق كافة السبل والفرص الممكنة من أجل بناء روسيا الجديدة القوية.
وتأتي دعوة سفير روسيا في المملكة المتحدة ألكسندر ياكوفينكو، التي عبر عنها في مقال له بصحيفة «الإندبندنت» الأسبوع الماضي، لـ«إنشاء جبهة واسعة لمكافحة الإرهاب»، والمركز المعلوماتي الذي دشنته موسكو لمحاربة تنظيم الدولة «داعش»، ويضم ممثلي هيئات أركان جيوش كل من روسيا وإيران والعراق وسوريا، ضمن هذه التوجهات الاستراتيجية لروسيا في المنطقة.