حتى الآن لم أجد مسؤولاً يخرج على الناس ويصارحهم بشأن المشاكل التي نعاني منها كبلد.
وحين أقول ذلك فلست أتحدث عن سرد وكلام مرسل نقول فيه إن لدينا مشاكل كالإسكان والدين العام وعجز الموازنة وغيرها دون تفصيل دقيق.
لحل المشكلات لابد أولاً من تحديدها بشكل مفصل وصريح، لابد لنا من جدولتها بشكل واضح، وترقيمها في جدول مبسط لكنه شامل لكل النواحي.
حتى اللحظة نبحث عن جدول رسمي يبين فيه المشكلات بترتيبها من ناحية قوة التأثير على المجتمع، وبأرقامها التي تبين بشكل واضح مستوى أولويتها على جدول المعالجة.
مثلاً، الدين العام اليوم يمثل المشكلة الأكبر التي تعيق كافة العمليات في البلد، بسببه جمدت بعض المشاريع، بسببه اتخذت الحكومة بعض الإجراءات التقشفية، بسببه أصبحت مطالب المواطنين أحلاماً صعبة التحقق، وبسببه أصبح غالبية المواطنين يعيشون حالة تذمر وقلق من المستقبل.
مثل هذه المشكلة التي قيل عنها انها أولوية في عمليات المعالجة والحل، نحتاج لجدول تفصيلي يبين حجم الدين العام، ويوضح أسباب وصوله هذا السقف المرتفع الخطير، وجدول زمني يبين لنا ماهية الخطة التي ستنفذ لأجل تقليله تدريجياً تمهيداً للقضاء عليه بحسب ما تمت الإشارة إليه في برنامج عمل الحكومة، وبحسب تصريحات رسمية عديدة أشارت لإجراءات ستتخذ وبعضها اتخذ مثل إعادة توجيه دعم اللحوم بهدف ضبط المصروفات.
كل هذا الحديث عن المشكلة الرئيسة في البحرين ومازال لدينا الغموض المشوب بالشك بشأن إمكانية حلها ومعالجتها، وهذا عائد لعدم وجود خطة مجدولة واضحة المعالم تعلن لنا تبين خطوات الحل.
الاكتفاء بالتصريحات والكلام المرسل بدون أرقام أو إجراءات صريحة، كلها أمور تجعل الناس تعيش قلقاً من عدم وجود «خطة محبوكة» و»واضحة المعالم» مبنية على «أسس عملية» بإمكانها إيصالنا للهدف المعلن بشأن حل المشكلة.
وينسحب هذا الكلام على مشاكل أخرى يعاني منها المجتمع مثل القضية الإسكانية، وما يتعلق بها من تصريحات عديدة متناثرة في الصحف ووسائل الإعلام، والتي حتى تدرك معها ملامح خطة المعالجة الإسكانية يتوجب أن تقوم بجمعها معاً وتحليلها بشكل شخصي، لتدرك بعدها حجم المشكلة وكيف أنها تحتاج لجهود جبارة وأموال ضخمة لتحل. وكل هذا بمعزل عن تفصيل موجز لكنه وافٍ للوضع الحالي مع بيان خطوات للمعالجة بشكل واضح.
لسنا ننتقص من الجهود المبذولة هنا، وبالتأكيد لا نشكك في النوايا، ونثق في أن هناك غالبية مسؤولة من الملقاة على عاتقهم المسؤولية يعملون من أجل تحقيق الغايات المتمثلة بحل المشكلات. لكننا نحس بسبب افتقارنا لتفاصيل خطط المواجهة والمعالجة بأن هناك نوعاً من التعامل «الآني» القائم على ردة الفعل تجاه هذه المشكلات، وهو ما يعني عدم وجود خطة واضحة المعالم حتى الآن، ما يدفعنا لافتراض أن المشاكل التي تواجهنا لن تحل في القريب العاجل، بل ستحتاج إلى زمن طويل تكون بدايته عبر تنظيم العملية ووضع مدى زمني مدروس ومقرون بالأرقام.
كمواطن أريد شيئاً يحسسني بالأمان، وأريد شيئاً يجعلني أثق أن مستقبل أبنائي وأحفادي والأجيال القادمة لن يكون أصعب مما نواجهه اليوم.
نحتاج لخطة وطنية شاملة، مبسطة في الشرح والإيجاز، توضح لنا آليات التعامل مع مدى زمني في انتهائه تحل المشاكل نهائياً.
هي عملية صعبة، لكنها ليست مستحيلة طالما كانت هناك نوايا صادقة وجهود حقيقية.