قبل أيام أعلنت السلطات السويدية عن مقتل شخصين وجرح آخرين في هجوم بالسيف نفذه شخص مقنع على مدرسة في مدينة ترولهاتان، والأكيد أن هذه السلطات اتخذت وستتخذ ما يلزم من إجراءات ولن تتأخر عن إصدار القوانين لحماية مواطنيها والمقيمين من أي اعتداء مستقبلاً. ستفعل كل ذلك ولن ينتقدها أحد بل إن الجميع سيقول إن من حقها أن تتخذ تلك الإجراءات وغيرها وأن تصدر القوانين التي تعينها على ذلك ولن يبرر أحد ما قام به ذلك الملثم أياً كانت دوافعه لأن ما قام به خطير ومرفوض.
حوادث أخرى تكررت في بلدان عديدة كلها أدت إلى قيام السلطات فيها اتخاذ ما يلزم من إجراءات أمنية وأصدرت القوانين التي تعينها على حماية الناس. المفارقة أن العالم كله يؤيد مثل هذه الإجراءات والقوانين التي تتخذها وتصدرها السلطات في كل مكان لكنه عندما يأتي إلى دول مجلس التعاون وخصوصاً البحرين يفلسف الموضوع ويعتبر أن «ما تقوم به السلطات في هذه الدول تجاوزاً وتعدياً على الحقوق والحريات»، ولا يتردد البعض في التبرير للفاعلين بينما تنبري المنظمات الدولية غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان لتكيل لها ما تشاء من اتهامات لو حاولت فقط التفكير في اتخاذ إجراءات أمنية أو إصدار قانون جديد يعينها على حماية الناس المسؤولة عنهم.
للأسف فإن هذا هو الواقع، كل تجاوز هناك مجرّم، وكل تجاوز هنا مبرر، وكل إجراء تتخذه السلطات هناك وكل قانون تصدره لمنع تكرار مثل تلك الجرائم مبرر، وكل إجراء تتخذه أي دولة من دول التعاون وعلى الخصوص البحرين مجرّم. هل من تفسير لهذه المعادلة الغريبة والظالمة؟!
كل الإجراءات التي اتخذتها حكومة البحرين خلال السنوات الخمس الأخيرة هدفت إلى منع تكرار أمور أثرت على الدولة وتسببت في الإضرار بها، وكل القوانين التي أصدرتها الجهات المعنية أصدرتها لأن الحاجة إليها كانت ماسة ولتتمكن الدولة من حماية مواطنيها والمقيمين فيها. هل كان على البحرين أن تقف مكتوفة اليدين وتنظر إلى ما يجري عليها وفيها وتسكت وكأن الأمر لا يعنيها؟!
مثلما أن كل دول العالم من حقها أن تتخذ ما تراه مناسباً من إجراءات وتصدر ما تراه ضرورياً من قوانين لتحمي نفسها وشعبها، كذلك فإن من حق دول مجلس التعاون ومن حق البحرين التي تعرضت للكثير من التعديات في السنوات الأخيرة أن تفعل كل ما يضمن لها عدم تكرار ما تعرضت له ويعينها على حماية الناس المسؤولة عنهم.
ما قامت وتقوم به الحكومة هنا في السنوات الأخيرة ليس للتضييق على الناس ولكن للتضييق على مريدي السوء بهذا الوطن ومنعهم من التجاوز والإضرار بالمصالح، فالناس يشكرون الحكومة على كل ذلك لأنهم يعلمون أنه يصب في صالحهم وصالح الوطن. من يشتكي من الإجراءات الأمنية وغيرها من إجراءات وقوانين تصدر، هم أولئك الذين يريدون نشر الفوضى والتخريب والإساءة للوطن، وهذا أمر طبيعي، فليس من المنطق أن يؤيدوا تلك الإجراءات ويمتدحوها، تماماً مثلما أنه ليس منطقاً أن تؤيدها تلك المنظمات التي تجد مصلحتها مع ذاك الطرف وليس مع هذا الطرف.
الكثير من الإجراءات التي اضطرت الحكومة إلى اتخاذها ربما يتم إلغاؤها فور عودة الأمور إلى ما كانت عليه، والكثير من القوانين التي صدرت في هذه الفترة قد لا يكون لها ضرورة في المسستقبل فتلغى، لكن من المهم التأكيد على أن من حق البحرين أن تتخذ ما يلزم من إجراءات وتصدر ما تراه مناسبا من قوانين لتحمي نفسها وشعبها، تماماً مثلما أنه من حق الدول الأخرى أن تفعل ما تشاء لتحقق الغرض نفسه.