في كل مرة تنجح البحرين، في أن تكون جاذبة للنخب السياسية في العالم من أجل التباحث في معضلة ما، فاجتماع المنامة حول سبل مكافحة الإرهاب الذي انعقد في نوفمبر الماضي، والمنتدى السنوي لمؤتمر حوار المنامة للأمن الإقليمي، وغيرها من الملتقيات الدولية، تشكل مبادرات معززة للدور البحريني المهم في المنطقة.
وتلك إيجابية تحسب لصالح رؤية البحرين الاستراتيجية للمشكلات التي تواجه المنطقة، والتي تقوم على منهج ومساعي دؤوبة من أجل إحلال الأمن والسلام في العالم، ورفض التدخلات في الشؤون الداخلية للدول، ومكافحة الإرهاب باعتباره أهم التحديات التي تواجه التنمية المستدامة.
وينعقد منتدى حوار المنامة في نسخته الحادية عشر ولا تزال تحديات كبرى تواجه المنطقة متمثلة في الإرهاب والتدخلات الإيرانية في دول المنطقة، والأزمتين السورية واليمنية.
تحولت المنطقة إلى معمل كبير للدول الغربية من أجل فحص توجهاتها ومصالحها في المنطقة، عبر إذكاء الصراعات والسيطرة على أطرافها وتحريكهم كما يشاؤون وكأننا في مسرح للعرائس.
منتدى المنامة، الذي يعتبر أكبر قمة سياسية غير رسمية في الشرق الأوسط، «تيرمومتر» مهم لقياس درجة حرارة اللاعبين الأساسيين والخبراء والمراقبين وكبار المسؤولين الدوليين حول أزمات وتحديات المنطقة، لكن غياب إيران عنه ليس في صالحها، وكانت آخر مشاركة لها في حوار المنامة في عام 2010.
ورغم تدخلاتها في شؤون المنطقة بالعموم والشأن البحريني على وجه الخصوص، فقد ظلت البحرين تدعو إيران كل عام للمشاركة في منتدى حوار المنامة، وقد أكد ذلك وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة الذي قال «سنستمر بدعوتها لحضور الحوار».
السؤال الذي يمكن أن يطرح في هذا الإطار، ما هي الأهمية التي سيجنيها منتدى المنامة بحضور إيران؟ ولماذا يصنف عدم الحضور بأنه ليس في صالح طهران؟
لا أحد يستطيع أن يلغي الوجود الإيراني من المنطقة، فهي لاعب مهم في أزمات المنطقة، صحيح هي تعتمد الدور السلبي من أجل مصالح طائفية، لكن حضورها في مثل هذه المنتديات يمكن أن يسهم في محاولة تليين عريكتها من أجل المصلحة العامة بالمنطقة، ومحاولة الوصول إلى نقاط توافق، في القضايا الحيوية والمهمة المتعلقة بأمن الخليج، وأخطار الجماعات المتطرفة.
النقطة الأخرى المهمة فيما يتعلق بضرورة حضور طهران في منتدى حوار المنامة، هي أن السياسة الأمريكية في المنطقة ومستقبلها أصبح رهيناً بمقررات الاتفاق النووي مع إيران، وفتح ذلك مجالاً واسعاً من التكهنات، ودفع دولاً كبرى إلى محاولة إيجاد موطئ قدم لها عبر الوجود العسكري أو الخبراء أو فرض توجهات محددة وإرسال رسائل محفزة نحو سياسات معينة، في أصلها تخدم مصالها أكثر من خدمة دول وشعوب المنطقة.
يبحث المنتدى عدداً من القضايا المهمة والحيوية التي تتعلق بأمن الخليج من قبيل: السياسة الأمريكية والأمن الإقليمي ومستقبل الشرق الأوسط بعد المفاوضات النووية الإيرانية، وأخطار الجماعات المتطرفة، ومستقبل اليمن، إلى جانب الصراعات والتحالفات في الشرق الأوسط، والموقف الدفاعي لدول مجلس التعاون والقوى الخارجية، ولكن القضية المهمة في ذلك هي محاولة إيجاد طريقة من أجل إخراج المنطقة من أزماتها، فهل تنجح المنامة في ذلك كما نجحت في استقطاب كبار المسؤولين الدوليين في ملتقياتها ومنتدياتها؟ ذلك ما ستفصح عنه الأيام المقبلة.