أنظار العالم مركزة هذه الأيام على بلدنا الغالية «البحرين» التي تحتضن النسخة الحادية عشرة من «حوار المنامة» والذي يشارك فيه قادة دول وسياسيون وخبراء ونخبة من رجال الفكر لمناقشة القضايا الراهنة على الساحة العالمية.
البحرين نجحت في تنظيم هذا الحدث السنوي لأكثر من عقد، وحواراته المفيدة ونقاشاته الغنية تبين مستوى السقف المرتفع الذي تفخر به البحرين في جوانب الحوار والنقاش العلمي الرصين الهادف لخدمة قضايا عادلة تصب في مصلحة العالم بأجمعه.
العالم بالفعل أصبح «قرية صغيرة» مثلما وصف قبل سنوات بالنظر للثورة التكنولوجية وتناقل المعلومات بسرعات خرافية، لكن القواسم المشتركة اليوم تتركز على قضايا رئيسة تمس أمن الدول وكياناتها واستقرارها، تلك المرتبطة بالأمن العالمي وتصادمه مع تنامي مفهوم الإرهاب وانشطار خلايا ضارة عديدة على هيئة جهات وتنظيمات هدفها ضرب استقرار الدول وإشاعة الفوضى.
التحدي الأكبر اليوم أمام الدول هو مواجهة هذا الإرهاب المتنامي باختلاف تسميات تنظيماته وانتماءاتها وامتداداتها في القارات المختلفة.
منطقتنا العربية بسبب الظروف غير الاعتيادية وغير الطبيعية التي عاشتها في السنوات الأخيرة باتت أشبه ما تكون بـ«بؤرة الاستهداف» من قبل هذه التنظيمات الإرهابية ومن يدعمها ويغذيها ويمولها.
ومثلما قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في كلمته، فإن التهديدات لا يمكن قصرها على تنظيم الدولة «داعش» الذي حتى الآن لا يعرف تماماً ظروف وملابسات خروجه ومن يقف وراءه، بل التهديد الإقليمي الأكبر مازال يتمثل بإيران وأساليبها وطرق تعاملها مع دول المنطقة وبرنامجها النووي الذي لن يتوقف حتى لو تم إعلان إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة.
الأمن الإقليمي في المنطقة أكبر من أن تهدده «داعش»، بل هي إيران التي مازالت مصرة على لعب الدور الرئيس فيه من خلال تدريب عناصر تخلق منها تنظيمات إرهابية صغيرة تفرقها في دول المنطقة والخليج العربي، التمويل مستمر، والتغلغل غاية دائمة.
اليمن مثال واضح لما يمكن أن تتعرض له أي دولة ينجح فيها «فصيل إيراني» أو «طابور خامس» في التغلغل وإثارة الفوضى والانقلاب على الأنظمة الشرعية.
العالم يجتمع اليوم في البحرين ليناقش قضايا هامة على رأسها الإرهاب، والملفات الاقتصادية ووضع النفط، ويهمه استشراف المستقبل بحيث توجد المساحة الكافية لتفادي أية تعقيدات يمكن أن تفرضها هذه القضايا.
ورغم تشابك القضايا وبعضها شائك في التحليل والشرح والتعامل، إلا أن البحرين تعيش هذه الأيام أجواء «حوار عالمي»، قائم على أسس الحوار الصحيحة التي تطرح فيها الآراء بموضوعية وعقلانية وبدعم الشواهد والأدلة، وبشعارات على رأسها المصلحة العامة للدول والشعوب في إطار ديمقراطي حديث ومتمدن.
لو بحثنا في هموم كل دولة وكل الشعوب أو غالبيتها، سنجد أن الأمن يأتي في المقام الأول، سواء أكان الأمن القومي أو أمن الشعوب من نواحيه الاجتماعية والمعيشية، ولأجل ترسيخ قواعد الأمن في كافة جوانبه، لابد من العمل على تعزيز الاستقرار الداخلي وربطه بالشراكات الخارجية القائمة على القواسم المشتركة والغايات النبيلة والمصلحة المستمرة، بعيداً عن أية نوايا خبيثة تستهدف أمن الدول وسياداتها وثرواتها.